وأما ذكورة القاتل , وحريته , وإسلامه فليس من شرائط الوجوب , والثالث : أن يكون متعمدا في القتل قاصدا إياه فإن كان مخطئا فلا قصاص عليه لقول النبي { العمد قود (http://www.islamweb.net/ver2/Library/BooksCategory.php?bk_no=12&ID=902&idfrom=3402&idto=3409&bookid=12&start=4#)} أي القتل العمد يوجب القود , شرط العمد لوجوب القود , ولأن القصاص عقوبة متناهية فيستدعي جناية متناهية , والجناية لا تتناهى إلا بالعمد , والرابع : أن يكون القتل منه عمدا محضا ليس فيه شبهة العمد , لأنه عليه الصلاة والسلام شرط العمد مطلقا بقول النبي { العمد قود (http://www.islamweb.net/ver2/Library/BooksCategory.php?bk_no=12&ID=902&idfrom=3402&idto=3409&bookid=12&start=4#)} , والعمد المطلق هو العمد من كل وجه , ولا كمال مع شبهة العمد .
ولأن الشبهة في هذا الباب ملحقة بالحقيقة , وعلى هذا يخرج القتل بضربة أو ضربتين على قصد القتل أنه لا يوجب القود ; لأن الضربة أو الضربتين مما لا يقصد به القتل عادة بل التأديب والتهذيب , فتمكنت في القصد شبهة العمد , وعلى هذا يخرج قول أصحابنا رضي الله عنهم في الموالاة في الضربات أنها لا توجب القصاص خلافا للشافعي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13790).
( وجه ) قوله أن الموالاة في الضربات دليل قصد القتل لأنها لا يقصد بها التأديب عادة , وأصل القصد موجود فيتمحض القتل عمدا فيوجب القصاص .
( ولنا ) أن شبهة عدم القصد ثابتة , لأنه يحتمل حصول القتل بالضربة , والضربتين على سبيل الاستقلال من غير الحاجة إلى الضربات الأخر , والقتل بضربة أو ضربتين لا يكون عمدا , فتبين بذلك أنه لا يوجب القصاص , وإذا جاء الاحتمال جاءت الشبهة وزيادة , وعلى هذا يخرج قول أبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990)رضي الله عنه في القتل بالمثقل أنه لا يوجب القود خلافا لهما , والشافعي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13790)رحمهم الله .
( وجه ) قولهم أن الضرب بالمثقل مهلك عادة ألا ترى أنه لا يستعمل إلا في القتل فكان استعماله دليل القصد إلى القتل كاستعمال السيف , وقد انضم إليه أصل القصد فكان القتل الحاصل به عمدا محضا , ولأبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990)رحمه الله طريقان مختلفان على حسب اختلاف الروايتين عنه , أحدهما أن القتل بآلة غير معدة للقتل دليل عدم القصد , لأن تحصيل كل فعل بالآلة المعدة له , فحصوله بغير ما أعد له دليل عدم القصد , والمثقل , ما يجري مجراه ليس بمعد للقتل عادة فكان القتل به دلالة عدم القصد , فيتمكن في العمدية شبهة العمد , بخلاف القتل بحديد لا حد له ; لأن الحديد آلة معدة للقتل قال الله تبارك , وتعالى { , وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد } , والقتل بالعمود معتاد , فكان القتل به دليل القصد فيتمحض عمدا , وهذا على قياس ظاهر الرواية , والثاني وهو قياس رواية الطحاوي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=14695)رحمه الله هو اعتبار الجرح أنه يمكن القصور في هذا القتل لوجود فساد الباطن دون الظاهر , وهو نقض التركيب , وفي الاستيفاء إفساد الباطن والظاهر جميعا , فلا تتحقق المماثلة , وعلى هذا الخلاف إذا خنق رجلا فقتله أو غرقه بالماء أو ألقاه من جبل أو سطح فمات أنه لا قصاص فيه عند أبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990), وعندهما يجب , ولو طين على أحد بيتا حتى مات جوعا أو عطشا لا يضمن شيئا عند أبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990), وعندهما يضمن الدية .
( وجه ) قولهما أن الطين الذي عليه تسبيب لإهلاكه , لأنه لا بقاء للآدمي إلا بالأكل , والشرب فالمنع عند استيلاء الجوع والعطش عليه يكون [ ص: 235 ] إهلاكا له , فأشبه حفر البئر على قارعة الطريق , ولأبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990)رحمه الله أن الهلاك حصل بالجوع والعطش لا بالتطيين , ولا صنع لأحد في الجوع والعطش , بخلاف الحفر فإنه سبب للوقوع , والحفر حصل من الحافر فكان قتلا تسبيبا , ولو أطعم غيره سما فمات , فإن كان تناول بنفسه فلا ضمان على الذي أطعمه ; لأنه أكله باختياره , لكنه يعزر , ويضرب , ويؤدب ; لأنه ارتكب جناية ليس لها حد مقدر , وهي الغرور فإن أوجره السم فعليه الدية عندنا , وعند الشافعي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13790)رحمه الله عليه القصاص , ولو غرق إنسانا فمات أو صاح على وجهه فمات فلا قود عليه عندنا , وعليه الدية , وعنده عليه القود , والخامس : أن يكون القاتل مختارا , اختيار الإيثار عند أصحابنا الثلاثة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=16908)رحمهم الله وعند زفر (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=15922), والشافعي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13790)رحمهما الله هذا ليس بشرط , وعلى هذا يخرج المكره على القتل أنه لا قصاص عليه عندنا , خلافا لهما , والمسألة مرت في كتاب الإكراه .
الشريعة والقانونوأما الذي يرجع إلى المقتول فثلاثة أنواع : أحدها : أن لا يكون جزء القاتل , حتى لو قتل الأب ولده لا قصاص عليه , وكذلك الجد أب الأب أو أب الأم وإن علا , وكذلك إذا قتل الرجل ولد ولده وإن سفلوا , وكذا الأم إذا قتلت ولدها أو أم الأم أو أم الأب إذا قتلت ولد ولدها , والأصل فيه ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : { لا يقاد الوالد بولده (http://www.islamweb.net/ver2/Library/BooksCategory.php?bk_no=12&ID=902&idfrom=3402&idto=3409&bookid=12&start=5#)} , واسم الوالد والولد يتناول كل والد , وإن علا , وكل ولد وإن سفل , ولو كان في ورثة المقتول ولد القاتل أو ولد ولده فلا قصاص , لأنه تعذر إيجاب القصاص للولد في نصيبه , فلا يمكن الإيجاب للباقين , لأنه لا يتجزأ وتجب الدية للكل .
ويقتل الولد بالوالد لعمومات القصاص من غير فصل , ثم خص منها الوالد بالنص الخالص فبقي الولد داخلا تحت العموم , ولأن القصاص شرع لتحقيق حكمة الحياة بالزجر , والردع , والحاجة إلى الزجر في جانب الولد لا في جانب الوالد ; لأن الوالد يحب ولده لولده لا لنفسه بوصول النفع إليه من جهته , أو يحبه لحياة الذكر لما يحيا به ذكره , وفيه أيضا زيادة شفقة تمنع الوالد عن قتله , فأما الولد فإنما يحب والده لا لوالده بل لنفسه , وهو وصول النفع إليه من جهته , فلم تكن محبته وشفقته مانعة من القتل , فلزم المنع بشرع القصاص كما في الأجانب , ولأن محبة الولد لوالده لما كانت لمنافع تصل إليه من جهته لا لعينه فربما يقتل الوالد ليتعجل الوصول إلى أملاكه , لا سيما إذا كان لا يصل النفع إليه من جهته لعوارض , ومثل هذا يندر في جانب الأب .
الشريعة والقانون
11-11-2008, 12:46 AM
والثاني : أن لا يكون ملك القاتل , ولا له فيه شبهة الملك حتى لا يقتل المولى بعبده لقوله عليه الصلاة والسلام { لا يقاد الوالد بولده , ولا السيد بعبده (http://www.islamweb.net/ver2/Library/BooksCategory.php?bk_no=12&ID=902&idfrom=3402&idto=3409&bookid=12&start=0#)} , ولأنه لو وجب القصاص لوجب له والقصاص الواحد كيف يجب له وعليه وكذا إذا كان يملك بعضه فقتله لا قصاص عليه لأنه لا يمكن استيفاء بعض القصاص دون بعض ; لأنه غير متجزئ , وكذا إذا كان له فيه شبهة الملك كالمكاتب إذا قتل عبدا من كسبه ; لأن للمكاتب شبهة في أكسابه , والشبهة في هذا الباب ملحقة بالحقيقة , ولا يقتل المولى بمدبره , وأم ولده , ومكاتبه , لأنهم مماليكه حقيقة , ألا ترى أنه لو قال : " كل مملوك لي فهو حر " عتق هؤلاء إلا المكاتب فإنه لا يعتق إلا بالنية لقصور في الإضافة إليه بالملك لزوال ملك اليد .
ويقتل العبد بمولاه , وكذا المدبر , وأم الولد , والمكاتب لعمومات النصوص , ولتحقيق ما شرع له القصاص , وهو الحياة بالزجر والردع , بخلاف المولى إذا قتل هؤلاء ; لأن شفقة المولى على ماله تمنعه عن القتل عند سيحان العداوة الحامل على القتل إلا نادرا , فلا حاجة إلى الزجر بالقصاص بخلاف العبد , ولو اشترك اثنان في قتل رجل أحدهما ممن يجب القصاص عليه لو انفرد , والآخر لا يجب عليه لو انفرد ممن ذكرنا كالصبي مع البالغ , والمجنون مع العاقل , والخاطئ مع العامد , والأب مع الأجنبي , والمولى مع الأجنبي لا قصاص عليهما عندنا , وقال الشافعي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13790)- رحمه الله - يجب القصاص على العاقل , والبالغ , والأجنبي إلا العامد فإنه لا قصاص عليه إذا شاركه الخاطئ .
( وجه ) قوله أن سبب الوجوب وجد من كل واحد منهما , وهو القتل العمد , إلا أنه امتنع الوجوب على أحدهما لمعنى يخصه فيجب على الآخر , ولنا أنه تمكنت شبهة عدم القتل في فعل كل واحد منهما , لأنه يحتمل أن يكون فعل من لا يجب عليه القصاص لو انفرد مستقلا في القتل , فيكون فعل الآخر فضلا , ويحتمل على القلب , وهذه الشبهة ثابتة في الشريكين الأجنبيين , إلا أن الشرع أسقط اعتبارها , وألحقها بالعدم فتحا لباب القصاص , وسدا لباب العدوان , لأن الاجتماع ثم يكون أغلب , وههنا أندر فلم يكن في معنى مورد الشرع فلا يلحق [ ص: 236 ] به , وعليهما الدية لوجود القتل إلا أنه امتنع وجوب القصاص للشبهة فتجب الدية , ثم ما يجب على الصبي والمجنون والخاطئ تتحمله العاقلة , وما يجب على البالغ والعاقل والعامد يكون في ماله ; لأن القتل عمد لكن سقط القصاص للشبهة , والعاقلة لا تعقل العمد وفي الأب , والأجنبي الدية في مالهما ; لأن القتل عمد , وفي المولى مع الأجنبي على الأجنبي نصف قيمة العبد في ماله لما قلنا , وكذلك إذا جرح نفسه , وجرحه أجنبي فمات لا قصاص على الأجنبي عندنا خلافا للشافعي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13790), وعلى الأجنبي نصف الدية , لأنه مات بجرحين أحدهما هدر , والآخر معتبر , وعلى هذا مسائل تأتي في موضع آخر إن شاء الله تعالى
الشريعة والقانون
11-11-2008, 12:48 AM
والثالث : أن يكون معصوم الدم مطلقا , فلا يقتل مسلم , ولا ذمي بالكافر الحربي , ولا بالمرتد لعدم العصمة أصلا ورأسا , ولا بالحربي المستأمن في ظاهر الرواية ; لأن عصمته ما ثبتت مطلقة بل مؤقتة إلى غاية مقامه في دار الإسلام , وهذا لأن المستأمن من أهل دار الحرب , وإنما دخل دار الإسلام لا لقصد الإقامة بل لعارض حاجة يدفعها ثم يعود إلى وطنه الأصلي , فكانت في عصمته شبهة العدم .
وروي عن أبي يوسف (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=14954)أنه يقتل به قصاصا لقيام العصمة وقت القتل , وهل يقتل المستأمن بالمستأمن ؟ ذكر في السير الكبير أنه يقتل , وروى ابن سماعة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13234)عن محمد (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=16908)أنه لا يقتل .
ولا يقتل العادل بالباغي لعدم العصمة بسبب الحرب , لأنهم يقصدون أموالنا وأنفسنا ويستحلونها , وقد قال : عليه الصلاة والسلام { قاتل دون نفسك } , وقال عليه الصلاة والسلام { قاتل دون مالك (http://www.islamweb.net/ver2/Library/BooksCategory.php?bk_no=12&ID=902&idfrom=3402&idto=3409&bookid=12&start=6#)} , ولا يقتل الباغي بالعادل أيضا عندنا , وعند الشافعي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13790)رحمه الله يقتل , لأن المقتول معصوم مطلقا .
( ولنا ) أنه غير معصوم في زعم الباغي , لأنه يستحل دم العادل بتأويل , وتأويله وإن كان فاسدا لكن له منعة , والتأويل الفاسد عند وجود المنعة ألحق بالتأويل الصحيح في حق وجوب الضمان بإجماع الصحابة رضي الله عنهم , فإنه روي عن الزهري أنه قال : وقعت الفتنة , والصحابة متوافرون , فاتفقوا على أن كل دم استحل بتأويل القرآن العظيم فهو موضوع , وعلى هذا يخرج ما إذا قال الرجل لآخر : اقتلني , فقتله أنه لا قصاص عليه عند أصحابنا الثلاثة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=16908), وعند زفر (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=15922)يجب القصاص .
( وجه ) قوله أن الآمر بالقتل لم يقدح في العصمة , لأن عصمة النفس مما لا تحتمل الإباحة بحال , ألا ترى أنه يأثم بالقول ؟ فكان الأمر ملحقا بالعدم بخلاف الأمر بالقطع , لأن عصمة الطرف تحتمل الإباحة في الجملة فجاز أن يؤثر الأمر فيها , ولنا أنه تمكنت في هذه العصمة شبهة العدم , لأن الأمر , وإن لم يصح حقيقة فصيغته تورث شبهة , والشبهة في هذا الباب لها حكم الحقيقة , وإذا لم يجب القصاص فهل تجب الدية ؟ فيها روايتان عن أبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990)رضي الله عنه في رواية تجب , وفي رواية لا تجب , وذكر القدوري (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=14972)- رحمه الله - أن هذا أصح الروايتين , وهو قول أبي يوسف (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=14954), ومحمد (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=16908)- رحمهما الله - , وينبغي أن يكون الأصح هي الأولى ; لأن العصمة قائمة مقام الحرمة , وإنما سقط القصاص لمكان الشبهة , والشبهة لا تمنع وجوب المال , ولو قال اقطع يدي فقطع لا شيء عليه بالإجماع ; لأن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال , وعصمة الأموال تثبت حقا له , فكانت محتملة للسقوط بالإباحة والإذن , كما لو قال له : أتلف مالي فأتلفه , ولو قال : اقتل عبدي أو اقطع يده فقتل أو قطع فلا ضمان عليه ; لأن عبده ماله , وعصمة ماله ثبتت حقا له فجاز أن يسقط بإذنه كما في سائر أمواله , ولو قال : اقتل أخي فقتله , وهو وارثه القياس أن يجب القصاص , وهو قول زفر (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=15922)رحمه الله , وقال أبو حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990)رضي الله عنه أستحسن أن آخذ الدية من القاتل .
( وجه ) القياس أن الأخ الآمر أجنبي عن دم أخيه فلا يصح إذنه بالقتل فالتحق بالعدم .
( وجه ) الاستحسان أن القصاص لو وجب بقتل أخيه لوجب له , والقتل حصل بإذنه , والإذن إن لم يعمل شرعا لكنه وجد حقيقة من حيث الصيغة , فوجوده يورث شبهة كالإذن بقتل نفسه , والشبهة لا تؤثر في وجوب المال , وروى أبو يوسف (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=14954)عن أبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990)رضي الله عنهما فيمن أمر إنسانا أن يقتل ابنه فقتله أنه يقتل به , وهذا يوجب اختلاف الروايتين في المسألتين , ولو أمره أن يشجه فشجه فلا شيء عليه إن لم يمت من الشجة ; لأن الأمر بالشجة كالأمر بالقطع , وإن مات منها كانت عليه الدية كذا ذكر في الكتاب , ويحتمل هذا أن يكون على أصل أبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990)رحمه الله خاصة بناء على أن العفو عن الشجة لا يكون عفوا عن القتل عنده , فكذا الأمر بالشجة لا يكون أمرا بالقتل , ولما مات تبين أن الفعل , وقع قتلا من حين وجوده لا شجا , وكان [ ص: 237 ] القياس أن يجب القصاص إلا أنه سقط للشبهة فتجب الدية , فأما على أصلهما فينبغي أن لا يكون عليه شيء , لأن العفو عن الشجة يكون عفوا عن القتل عندهما , فكذا الأمر بالشجة يكون أمرا بالقتل .
روى ابن سماعة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13234)عن محمد (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=16908)- رحمهما الله - فيمن أمر إنسانا بأن يقطع يده ففعل فمات من ذلك أنه لا شيء على قاطعه , ويحتمل أن يكون هذا قولهما خاصة , كما قالا فيمن له القصاص في الطرف إذا قطع طرف من عليه القصاص فمات : إنه لا شيء عليه فأما على قول أبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990)رحمه الله فينبغي أن تجب الدية ; لأنه لما مات تبين أن الفعل وقع قتلا , والمأمور به القطع لا القتل , وكان القياس أن يجب القصاص كما قال فيمن له القصاص في الطرف , إلا أنه سقط لمكان الشبهة فتجب الدية , وعلى هذا يخرج الحربي إذا أسلم في دار الحرب , ولم يهاجر إلينا فقتله مسلم أنه لا قصاص عليه عندنا , لأنه وإن كان مسلما فهو من أهل دار الحرب قال الله تبارك وتعالى { فإن كان من قوم عدو لكم , وهو مؤمن } فكونه من أهل دار الحرب أورث شبهة في عصمته , ولأنه إذا لم يهاجر إلينا فهو مكثر سواد الكفرة , ومن كثر سواد قوم فهو منهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو وإن لم يكن منهم دينا فهو منهم دارا فيورث الشبهة .
ولو كانا مسلمين تاجرين أو أسيرين في دار الحرب فقتل أحدهما صاحبه فلا قصاص أيضا , وتجب الدية , والكفارة في التاجرين , وفي الأسيرين خلاف ما ذكرناه في كتاب السير , ولا يشترط أن يكون المقتول مثل القاتل في كمال الذات , وهو سلامة الأعضاء , ولا أن يكون مثله في الشرف , والفضيلة فيقتل سليم الأطراف بمقطوع الأطراف , والأشل , ويقتل العالم بالجاهل , والشريف بالوضيع , والعاقل بالمجنون , والبالغ بالصبي , والذكر بالأنثى , والحر بالعبد , والمسلم بالذمي الذي يؤدي الجزية , وتجري عليه أحكام الإسلام , وقال الشافعي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13790)رحمه الله : كون المقتول مثل القاتل في شرف الإسلام والحرية شرط وجوب القصاص , ونقصان الكفر , والرق يمنع من الوجوب , فلا يقتل المسلم بالذمي , ولا الحر بالعبد , ولا خلاف في أن الذمي إذا قتل ذميا ثم أسلم القاتل أنه يقتل به قصاصا , وكذا العبد إذا قتل عبدا ثم عتق القاتل احتج في عدم قتل المسلم بالذمي بما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال { لا يقتل مؤمن بكافر (http://www.islamweb.net/ver2/Library/BooksCategory.php?bk_no=12&ID=902&idfrom=3402&idto=3409&bookid=12&start=6#)} , وهذا نص في الباب , ولأن في عصمته شبهة العدم لثبوتها مع القيام المنافي , وهو الكفر ; لأنه مبيح في الأصل لكونه جناية متناهية فيوجب عقوبة متناهية , وهو القتل لكونه من أعظم العقوبات الدنيوية , إلا أنه منع من قتله لغيره , وهو نقض العهد الثابت بالذمة فقيامه يورث شبهة ; ولهذا لا يقتل المسلم بالمستأمن فكذا الذمي ; ولأن المساواة شرط وجوب القصاص , ولا مساواة بين المسلم , والكافر , ألا ترى أن المسلم مشهود له بالسعادة , والكافر مشهود له بالشقاء فأنى يتساويان ؟ .
( ولنا ) عمومات القصاص من نحو قوله تبارك وتعالى { كتب عليكم القصاص في القتلى } , وقوله سبحانه , وتعالى { , وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } , وقوله جلت عظمته { , ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا } من غير فصل بين قتيل وقتيل , ونفس ونفس , ومظلوم ومظلوم , فمن ادعى التخصيص والتقييد فعليه الدليل , وقوله سبحانه , وتعالى عز من قائل { , ولكم في القصاص حياة } , وتحقيق معنى الحياة في قتل المسلم بالذمي أبلغ منه في قتل المسلم بالمسلم ; لأن العداوة الدينية تحمله على القتل خصوصا عند الغضب , ويجب عليه قتله لغرمائه فكانت الحاجة إلى الزاجر أمس فكان في شرع القصاص فيه في تحقيق معنى الحياة أبلغ , وروى محمد بن الحسن (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=12225)- رحمهما الله - بإسناده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه { أقاد مؤمنا بكافر , وقال عليه الصلاة والسلام أنا أحق من وفى ذمته } .
وأما الحديث فالمراد من الكافر المستأمن , لأنه قال عليه الصلاة والسلام { لا يقتل مؤمن بكافر , ولا ذو عهد في عهده (http://www.islamweb.net/ver2/Library/BooksCategory.php?bk_no=12&ID=902&idfrom=3402&idto=3409&bookid=12&start=6#)} عطف قوله , { ولا ذو عهد في عهده (http://www.islamweb.net/ver2/Library/BooksCategory.php?bk_no=12&ID=902&idfrom=3402&idto=3409&bookid=12&start=6#)} على المسلم فكان معناه لا يقتل مؤمن بكافر , ولا ذو عهد به , ونحن به نقول أو نحمله على هذا توفيقا بين الدلائل صيانة لها عن التناقض .
وأما قوله : " في عصمته شبهة العدم " ممنوع بل دمه حرام لا يحتمل الإباحة بحال مع قيام الذمة بمنزلة دم المسلم مع قيام الإسلام , وقوله : " الكفر مبيح على الإطلاق " ممنوع بل المبيح هو الكفر الباعث على الحراب , وكفره ليس بباعث على الحراب فلا يكون مبيحا , وقوله : " لا مساواة بين المسلم والكافر " قلنا : المساواة في الدين ليس بشرط , ألا ترى أن الذمي إذا قتل ذميا ثم أسلم القاتل يقتل به قصاصا , ولا [ ص: 238 ] مساواة بينهما في الدين , لكن القصاص محنة امتحنوا الخلق بذلك , فكل من كان أقبل بحق الله تعالى , وأشكر لنعمه كان أولى بهذه المحنة , لأن العذر له في ارتكاب المحذور أقل , وهو بالوفاء بعهد الله تعالى أولى , ونعم الله تعالى في حقه أكمل فكانت جنايته أعظم , واحتج في قتل الحر بالعبد بقول الله تبارك وتعالى { الحر بالحر , والعبد بالعبد } , وفسر القصاص المكتوب في صدر الآية بقتل الحر بالحر , والعبد بالعبد فيجب أن لا يكون قتل الحر بالعبد قصاصا , ولأنه لا مساواة بين النفسين في العصمة لوجهين : أحدهما : أن الحر آدمي من كل وجه , والعبد آدمي من وجه , مال من وجه , وعصمة الحر تكون له , وعصمة المال تكون للمالك , والثاني : أن في عصمة العبد شبهة العدم ; لأن الرق أثر الكفر , والكفر مبيح في الأصل فكان في عصمته شبهة العدم , وعصمة الحر تثبت مطلقة فأنى يستويان في العصمة , وكذا لا مساواة بينهما في الفضيلة , والكمال ; لأن الرق يشعر بالذل والنقصان , والحرية تنبئ عن العزة , والشرف .
( ولنا ) عمومات القصاص من غير فصل بين الحر والعبد ; ولأن ما شرع له القصاص , وهو الحياة لا يحصل إلا بإيجاب القصاص على الحر بقتل العبد ; لأن حصوله يقف على حصول الامتناع عن القتل خوفا على نفسه , فلو لم يجب القصاص بين الحر والعبد لا يخشى الحر تلف نفسه بقتل العبد فلا يمتنع عن قتله بل يقدمه عليه عند أسباب حاملة على القتل من الغيظ المفرط , ونحو ذلك , فلا يحصل معنى الحياة , ولا حجة له في الآية , لأن فيها أن قتل الحر بالحر , والعبد بالعبد قصاص , وهذا لا ينفي أن يكون قتل الحر بالعبد قصاصا , لأن التنصيص لا يدل على التخصيص , ونظيره قوله عليه الصلاة والسلام { البكر بالبكر جلد مائة , وتغريب عام , والثيب جلد مائة , ورجم بالحجارة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/BooksCategory.php?bk_no=12&ID=902&idfrom=3402&idto=3409&bookid=12&start=6#)} ثم البكر إذا زنى بالثيب وجب الحكم الثابت بالحديث , فدل أنه ليس في ذكر شكل بشكل تخصيص الحكم به , يدل عليه أن العبد يقتل بالحر , والأنثى بالذكر , ولو كان التنصيص على الحكم في نوع موجبا تخصيص الحكم به لما قتل , ثم قوله تعالى { , والأنثى بالأنثى } حجة عليكم , لأنه قال : " الأنثى بالأنثى " مطلقا فيقتضي أن تقتل الحرة بالأمة , وعندكم لا تقتل , فكان حجة عليكم , وقوله : " العبد آدمي من وجه مال من وجه " قلنا : لا , بل آدمي من كل وجه ; لأن الآدمي اسم لشخص على هيئة مخصوصة منسوب إلى سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام والعبد بهذه الصفة فكانت عصمته مثل عصمة الحر بل فوقها , على أن نفس العبد في الجناية له , لا لمولاه , بدليل أن العبد لو أقر على نفسه بالقصاص والحد يؤخذ به , ولو أقر عليه مولاه بذلك لا يؤخذ به فكان نفس العبد في الجناية له لا للمولى كنفس الحر للحر .
وأما قوله : " الحر أفضل من العبد " فنعم لكن التفاوت في الشرف , والفضيلة لا يمنع وجوب القصاص ؟ ألا ترى أن العبد لو قتل عبدا ثم أعتق القاتل يقتل به قصاصا , وإن استفاد فضل الحرية .
الشريعة والقانون
11-11-2008, 12:50 AM
وكذا الذكر يقتل بالأنثى وإن كان أفضل من الأنثى , وكذا لا تشترط المماثلة , في العدد في القصاص في النفس , وإنما تشترط في الفعل بمقابلة الفعل زجرا , وفي الفائت بالفعل جبرا , حتى لو قتل جماعة واحدا يقتلون به قصاصا وإن لم يكن بين الواحد والعشرة مماثلة لوجود المماثلة في الفعل , والفائت به زجرا , وجبرا على ما نذكره إن شاء الله تعالى وأحق ما يجعل فيه القصاص إذا قتل الجماعة الواحد ; لأن القتل لا يوجد عادة إلا على سبيل التعاون , والاجتماع فلو لم يجعل فيه القصاص لانسد باب القصاص ; إذ كل من رام قتل غيره استعان بغير يضمه إلى نفسه ليبطل القصاص عن نفسه , وفيه تفويت ما شرع له القصاص , وهو الحياة , هذا إذا كان القتل على الاجتماع , فأما إذا كان على التعاقب بأن شق رجل بطنه ثم حز آخر رقبته فالقصاص على الحاز إن كان عمدا .
وإن كان خطأ فالدية على عاقلته , لأنه هو القاتل لا الشاق , ألا ترى أنه قد يعيش بعد شق البطن بأن يخاط بطنه , ولا يحتمل أن يعيش بعد حز رقبته عادة , وعلى الشاق أرش الشق , وهو ثلث الدية ; لأنه جائفة , وإن كان الشق نفذ من الجانب الآخر فعليه ثلثا الدية في سنتين , في كل سنة ثلث الدية , لأنهما جائفتان , هذا إذا كان الشق مما يحتمل أن يعيش بعده يوما أو بعض يوم , فأما إذا كان لا يتوهم ذلك , ولم يبق معه إلا غمرات الموت , والاضطراب فالقصاص على الشاق , لأنه القاتل , ولا ضمان على الحاز , لأنه قتل المقتول من حيث المعنى , لكنه يعزر لارتكابه جناية ليس لها مقدر , وكذلك لو جرحه رجل جراحة مثخنة لا يعيش [ ص: 239 ] معها عادة ثم جرحه آخر جراحة أخرى فالقصاص على الأول , لأنه القاتل ; لإتيانه بفعل مؤثر في فوات الحياة عادة , فإن كانت الجراحتان معا فالقصاص عليهما , لأنهما قاتلان .
ولو جرحه أحدهما جراحة واحدة , والآخر عشر جراحات فالقصاص عليهما , ولا عبرة بكثرة الجراحات ; لأن الإنسان قد يموت بجراحة واحدة ولا يموت بجراحات كثيرة , والله سبحانه وتعالى أعلم .
منقول
ولأن الشبهة في هذا الباب ملحقة بالحقيقة , وعلى هذا يخرج القتل بضربة أو ضربتين على قصد القتل أنه لا يوجب القود ; لأن الضربة أو الضربتين مما لا يقصد به القتل عادة بل التأديب والتهذيب , فتمكنت في القصد شبهة العمد , وعلى هذا يخرج قول أصحابنا رضي الله عنهم في الموالاة في الضربات أنها لا توجب القصاص خلافا للشافعي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13790).
( وجه ) قوله أن الموالاة في الضربات دليل قصد القتل لأنها لا يقصد بها التأديب عادة , وأصل القصد موجود فيتمحض القتل عمدا فيوجب القصاص .
( ولنا ) أن شبهة عدم القصد ثابتة , لأنه يحتمل حصول القتل بالضربة , والضربتين على سبيل الاستقلال من غير الحاجة إلى الضربات الأخر , والقتل بضربة أو ضربتين لا يكون عمدا , فتبين بذلك أنه لا يوجب القصاص , وإذا جاء الاحتمال جاءت الشبهة وزيادة , وعلى هذا يخرج قول أبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990)رضي الله عنه في القتل بالمثقل أنه لا يوجب القود خلافا لهما , والشافعي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13790)رحمهم الله .
( وجه ) قولهم أن الضرب بالمثقل مهلك عادة ألا ترى أنه لا يستعمل إلا في القتل فكان استعماله دليل القصد إلى القتل كاستعمال السيف , وقد انضم إليه أصل القصد فكان القتل الحاصل به عمدا محضا , ولأبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990)رحمه الله طريقان مختلفان على حسب اختلاف الروايتين عنه , أحدهما أن القتل بآلة غير معدة للقتل دليل عدم القصد , لأن تحصيل كل فعل بالآلة المعدة له , فحصوله بغير ما أعد له دليل عدم القصد , والمثقل , ما يجري مجراه ليس بمعد للقتل عادة فكان القتل به دلالة عدم القصد , فيتمكن في العمدية شبهة العمد , بخلاف القتل بحديد لا حد له ; لأن الحديد آلة معدة للقتل قال الله تبارك , وتعالى { , وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد } , والقتل بالعمود معتاد , فكان القتل به دليل القصد فيتمحض عمدا , وهذا على قياس ظاهر الرواية , والثاني وهو قياس رواية الطحاوي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=14695)رحمه الله هو اعتبار الجرح أنه يمكن القصور في هذا القتل لوجود فساد الباطن دون الظاهر , وهو نقض التركيب , وفي الاستيفاء إفساد الباطن والظاهر جميعا , فلا تتحقق المماثلة , وعلى هذا الخلاف إذا خنق رجلا فقتله أو غرقه بالماء أو ألقاه من جبل أو سطح فمات أنه لا قصاص فيه عند أبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990), وعندهما يجب , ولو طين على أحد بيتا حتى مات جوعا أو عطشا لا يضمن شيئا عند أبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990), وعندهما يضمن الدية .
( وجه ) قولهما أن الطين الذي عليه تسبيب لإهلاكه , لأنه لا بقاء للآدمي إلا بالأكل , والشرب فالمنع عند استيلاء الجوع والعطش عليه يكون [ ص: 235 ] إهلاكا له , فأشبه حفر البئر على قارعة الطريق , ولأبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990)رحمه الله أن الهلاك حصل بالجوع والعطش لا بالتطيين , ولا صنع لأحد في الجوع والعطش , بخلاف الحفر فإنه سبب للوقوع , والحفر حصل من الحافر فكان قتلا تسبيبا , ولو أطعم غيره سما فمات , فإن كان تناول بنفسه فلا ضمان على الذي أطعمه ; لأنه أكله باختياره , لكنه يعزر , ويضرب , ويؤدب ; لأنه ارتكب جناية ليس لها حد مقدر , وهي الغرور فإن أوجره السم فعليه الدية عندنا , وعند الشافعي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13790)رحمه الله عليه القصاص , ولو غرق إنسانا فمات أو صاح على وجهه فمات فلا قود عليه عندنا , وعليه الدية , وعنده عليه القود , والخامس : أن يكون القاتل مختارا , اختيار الإيثار عند أصحابنا الثلاثة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=16908)رحمهم الله وعند زفر (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=15922), والشافعي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13790)رحمهما الله هذا ليس بشرط , وعلى هذا يخرج المكره على القتل أنه لا قصاص عليه عندنا , خلافا لهما , والمسألة مرت في كتاب الإكراه .
الشريعة والقانونوأما الذي يرجع إلى المقتول فثلاثة أنواع : أحدها : أن لا يكون جزء القاتل , حتى لو قتل الأب ولده لا قصاص عليه , وكذلك الجد أب الأب أو أب الأم وإن علا , وكذلك إذا قتل الرجل ولد ولده وإن سفلوا , وكذا الأم إذا قتلت ولدها أو أم الأم أو أم الأب إذا قتلت ولد ولدها , والأصل فيه ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : { لا يقاد الوالد بولده (http://www.islamweb.net/ver2/Library/BooksCategory.php?bk_no=12&ID=902&idfrom=3402&idto=3409&bookid=12&start=5#)} , واسم الوالد والولد يتناول كل والد , وإن علا , وكل ولد وإن سفل , ولو كان في ورثة المقتول ولد القاتل أو ولد ولده فلا قصاص , لأنه تعذر إيجاب القصاص للولد في نصيبه , فلا يمكن الإيجاب للباقين , لأنه لا يتجزأ وتجب الدية للكل .
ويقتل الولد بالوالد لعمومات القصاص من غير فصل , ثم خص منها الوالد بالنص الخالص فبقي الولد داخلا تحت العموم , ولأن القصاص شرع لتحقيق حكمة الحياة بالزجر , والردع , والحاجة إلى الزجر في جانب الولد لا في جانب الوالد ; لأن الوالد يحب ولده لولده لا لنفسه بوصول النفع إليه من جهته , أو يحبه لحياة الذكر لما يحيا به ذكره , وفيه أيضا زيادة شفقة تمنع الوالد عن قتله , فأما الولد فإنما يحب والده لا لوالده بل لنفسه , وهو وصول النفع إليه من جهته , فلم تكن محبته وشفقته مانعة من القتل , فلزم المنع بشرع القصاص كما في الأجانب , ولأن محبة الولد لوالده لما كانت لمنافع تصل إليه من جهته لا لعينه فربما يقتل الوالد ليتعجل الوصول إلى أملاكه , لا سيما إذا كان لا يصل النفع إليه من جهته لعوارض , ومثل هذا يندر في جانب الأب .
الشريعة والقانون
11-11-2008, 12:46 AM
والثاني : أن لا يكون ملك القاتل , ولا له فيه شبهة الملك حتى لا يقتل المولى بعبده لقوله عليه الصلاة والسلام { لا يقاد الوالد بولده , ولا السيد بعبده (http://www.islamweb.net/ver2/Library/BooksCategory.php?bk_no=12&ID=902&idfrom=3402&idto=3409&bookid=12&start=0#)} , ولأنه لو وجب القصاص لوجب له والقصاص الواحد كيف يجب له وعليه وكذا إذا كان يملك بعضه فقتله لا قصاص عليه لأنه لا يمكن استيفاء بعض القصاص دون بعض ; لأنه غير متجزئ , وكذا إذا كان له فيه شبهة الملك كالمكاتب إذا قتل عبدا من كسبه ; لأن للمكاتب شبهة في أكسابه , والشبهة في هذا الباب ملحقة بالحقيقة , ولا يقتل المولى بمدبره , وأم ولده , ومكاتبه , لأنهم مماليكه حقيقة , ألا ترى أنه لو قال : " كل مملوك لي فهو حر " عتق هؤلاء إلا المكاتب فإنه لا يعتق إلا بالنية لقصور في الإضافة إليه بالملك لزوال ملك اليد .
ويقتل العبد بمولاه , وكذا المدبر , وأم الولد , والمكاتب لعمومات النصوص , ولتحقيق ما شرع له القصاص , وهو الحياة بالزجر والردع , بخلاف المولى إذا قتل هؤلاء ; لأن شفقة المولى على ماله تمنعه عن القتل عند سيحان العداوة الحامل على القتل إلا نادرا , فلا حاجة إلى الزجر بالقصاص بخلاف العبد , ولو اشترك اثنان في قتل رجل أحدهما ممن يجب القصاص عليه لو انفرد , والآخر لا يجب عليه لو انفرد ممن ذكرنا كالصبي مع البالغ , والمجنون مع العاقل , والخاطئ مع العامد , والأب مع الأجنبي , والمولى مع الأجنبي لا قصاص عليهما عندنا , وقال الشافعي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13790)- رحمه الله - يجب القصاص على العاقل , والبالغ , والأجنبي إلا العامد فإنه لا قصاص عليه إذا شاركه الخاطئ .
( وجه ) قوله أن سبب الوجوب وجد من كل واحد منهما , وهو القتل العمد , إلا أنه امتنع الوجوب على أحدهما لمعنى يخصه فيجب على الآخر , ولنا أنه تمكنت شبهة عدم القتل في فعل كل واحد منهما , لأنه يحتمل أن يكون فعل من لا يجب عليه القصاص لو انفرد مستقلا في القتل , فيكون فعل الآخر فضلا , ويحتمل على القلب , وهذه الشبهة ثابتة في الشريكين الأجنبيين , إلا أن الشرع أسقط اعتبارها , وألحقها بالعدم فتحا لباب القصاص , وسدا لباب العدوان , لأن الاجتماع ثم يكون أغلب , وههنا أندر فلم يكن في معنى مورد الشرع فلا يلحق [ ص: 236 ] به , وعليهما الدية لوجود القتل إلا أنه امتنع وجوب القصاص للشبهة فتجب الدية , ثم ما يجب على الصبي والمجنون والخاطئ تتحمله العاقلة , وما يجب على البالغ والعاقل والعامد يكون في ماله ; لأن القتل عمد لكن سقط القصاص للشبهة , والعاقلة لا تعقل العمد وفي الأب , والأجنبي الدية في مالهما ; لأن القتل عمد , وفي المولى مع الأجنبي على الأجنبي نصف قيمة العبد في ماله لما قلنا , وكذلك إذا جرح نفسه , وجرحه أجنبي فمات لا قصاص على الأجنبي عندنا خلافا للشافعي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13790), وعلى الأجنبي نصف الدية , لأنه مات بجرحين أحدهما هدر , والآخر معتبر , وعلى هذا مسائل تأتي في موضع آخر إن شاء الله تعالى
الشريعة والقانون
11-11-2008, 12:48 AM
والثالث : أن يكون معصوم الدم مطلقا , فلا يقتل مسلم , ولا ذمي بالكافر الحربي , ولا بالمرتد لعدم العصمة أصلا ورأسا , ولا بالحربي المستأمن في ظاهر الرواية ; لأن عصمته ما ثبتت مطلقة بل مؤقتة إلى غاية مقامه في دار الإسلام , وهذا لأن المستأمن من أهل دار الحرب , وإنما دخل دار الإسلام لا لقصد الإقامة بل لعارض حاجة يدفعها ثم يعود إلى وطنه الأصلي , فكانت في عصمته شبهة العدم .
وروي عن أبي يوسف (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=14954)أنه يقتل به قصاصا لقيام العصمة وقت القتل , وهل يقتل المستأمن بالمستأمن ؟ ذكر في السير الكبير أنه يقتل , وروى ابن سماعة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13234)عن محمد (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=16908)أنه لا يقتل .
ولا يقتل العادل بالباغي لعدم العصمة بسبب الحرب , لأنهم يقصدون أموالنا وأنفسنا ويستحلونها , وقد قال : عليه الصلاة والسلام { قاتل دون نفسك } , وقال عليه الصلاة والسلام { قاتل دون مالك (http://www.islamweb.net/ver2/Library/BooksCategory.php?bk_no=12&ID=902&idfrom=3402&idto=3409&bookid=12&start=6#)} , ولا يقتل الباغي بالعادل أيضا عندنا , وعند الشافعي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13790)رحمه الله يقتل , لأن المقتول معصوم مطلقا .
( ولنا ) أنه غير معصوم في زعم الباغي , لأنه يستحل دم العادل بتأويل , وتأويله وإن كان فاسدا لكن له منعة , والتأويل الفاسد عند وجود المنعة ألحق بالتأويل الصحيح في حق وجوب الضمان بإجماع الصحابة رضي الله عنهم , فإنه روي عن الزهري أنه قال : وقعت الفتنة , والصحابة متوافرون , فاتفقوا على أن كل دم استحل بتأويل القرآن العظيم فهو موضوع , وعلى هذا يخرج ما إذا قال الرجل لآخر : اقتلني , فقتله أنه لا قصاص عليه عند أصحابنا الثلاثة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=16908), وعند زفر (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=15922)يجب القصاص .
( وجه ) قوله أن الآمر بالقتل لم يقدح في العصمة , لأن عصمة النفس مما لا تحتمل الإباحة بحال , ألا ترى أنه يأثم بالقول ؟ فكان الأمر ملحقا بالعدم بخلاف الأمر بالقطع , لأن عصمة الطرف تحتمل الإباحة في الجملة فجاز أن يؤثر الأمر فيها , ولنا أنه تمكنت في هذه العصمة شبهة العدم , لأن الأمر , وإن لم يصح حقيقة فصيغته تورث شبهة , والشبهة في هذا الباب لها حكم الحقيقة , وإذا لم يجب القصاص فهل تجب الدية ؟ فيها روايتان عن أبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990)رضي الله عنه في رواية تجب , وفي رواية لا تجب , وذكر القدوري (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=14972)- رحمه الله - أن هذا أصح الروايتين , وهو قول أبي يوسف (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=14954), ومحمد (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=16908)- رحمهما الله - , وينبغي أن يكون الأصح هي الأولى ; لأن العصمة قائمة مقام الحرمة , وإنما سقط القصاص لمكان الشبهة , والشبهة لا تمنع وجوب المال , ولو قال اقطع يدي فقطع لا شيء عليه بالإجماع ; لأن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال , وعصمة الأموال تثبت حقا له , فكانت محتملة للسقوط بالإباحة والإذن , كما لو قال له : أتلف مالي فأتلفه , ولو قال : اقتل عبدي أو اقطع يده فقتل أو قطع فلا ضمان عليه ; لأن عبده ماله , وعصمة ماله ثبتت حقا له فجاز أن يسقط بإذنه كما في سائر أمواله , ولو قال : اقتل أخي فقتله , وهو وارثه القياس أن يجب القصاص , وهو قول زفر (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=15922)رحمه الله , وقال أبو حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990)رضي الله عنه أستحسن أن آخذ الدية من القاتل .
( وجه ) القياس أن الأخ الآمر أجنبي عن دم أخيه فلا يصح إذنه بالقتل فالتحق بالعدم .
( وجه ) الاستحسان أن القصاص لو وجب بقتل أخيه لوجب له , والقتل حصل بإذنه , والإذن إن لم يعمل شرعا لكنه وجد حقيقة من حيث الصيغة , فوجوده يورث شبهة كالإذن بقتل نفسه , والشبهة لا تؤثر في وجوب المال , وروى أبو يوسف (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=14954)عن أبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990)رضي الله عنهما فيمن أمر إنسانا أن يقتل ابنه فقتله أنه يقتل به , وهذا يوجب اختلاف الروايتين في المسألتين , ولو أمره أن يشجه فشجه فلا شيء عليه إن لم يمت من الشجة ; لأن الأمر بالشجة كالأمر بالقطع , وإن مات منها كانت عليه الدية كذا ذكر في الكتاب , ويحتمل هذا أن يكون على أصل أبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990)رحمه الله خاصة بناء على أن العفو عن الشجة لا يكون عفوا عن القتل عنده , فكذا الأمر بالشجة لا يكون أمرا بالقتل , ولما مات تبين أن الفعل , وقع قتلا من حين وجوده لا شجا , وكان [ ص: 237 ] القياس أن يجب القصاص إلا أنه سقط للشبهة فتجب الدية , فأما على أصلهما فينبغي أن لا يكون عليه شيء , لأن العفو عن الشجة يكون عفوا عن القتل عندهما , فكذا الأمر بالشجة يكون أمرا بالقتل .
روى ابن سماعة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13234)عن محمد (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=16908)- رحمهما الله - فيمن أمر إنسانا بأن يقطع يده ففعل فمات من ذلك أنه لا شيء على قاطعه , ويحتمل أن يكون هذا قولهما خاصة , كما قالا فيمن له القصاص في الطرف إذا قطع طرف من عليه القصاص فمات : إنه لا شيء عليه فأما على قول أبي حنيفة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=11990)رحمه الله فينبغي أن تجب الدية ; لأنه لما مات تبين أن الفعل وقع قتلا , والمأمور به القطع لا القتل , وكان القياس أن يجب القصاص كما قال فيمن له القصاص في الطرف , إلا أنه سقط لمكان الشبهة فتجب الدية , وعلى هذا يخرج الحربي إذا أسلم في دار الحرب , ولم يهاجر إلينا فقتله مسلم أنه لا قصاص عليه عندنا , لأنه وإن كان مسلما فهو من أهل دار الحرب قال الله تبارك وتعالى { فإن كان من قوم عدو لكم , وهو مؤمن } فكونه من أهل دار الحرب أورث شبهة في عصمته , ولأنه إذا لم يهاجر إلينا فهو مكثر سواد الكفرة , ومن كثر سواد قوم فهو منهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو وإن لم يكن منهم دينا فهو منهم دارا فيورث الشبهة .
ولو كانا مسلمين تاجرين أو أسيرين في دار الحرب فقتل أحدهما صاحبه فلا قصاص أيضا , وتجب الدية , والكفارة في التاجرين , وفي الأسيرين خلاف ما ذكرناه في كتاب السير , ولا يشترط أن يكون المقتول مثل القاتل في كمال الذات , وهو سلامة الأعضاء , ولا أن يكون مثله في الشرف , والفضيلة فيقتل سليم الأطراف بمقطوع الأطراف , والأشل , ويقتل العالم بالجاهل , والشريف بالوضيع , والعاقل بالمجنون , والبالغ بالصبي , والذكر بالأنثى , والحر بالعبد , والمسلم بالذمي الذي يؤدي الجزية , وتجري عليه أحكام الإسلام , وقال الشافعي (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=13790)رحمه الله : كون المقتول مثل القاتل في شرف الإسلام والحرية شرط وجوب القصاص , ونقصان الكفر , والرق يمنع من الوجوب , فلا يقتل المسلم بالذمي , ولا الحر بالعبد , ولا خلاف في أن الذمي إذا قتل ذميا ثم أسلم القاتل أنه يقتل به قصاصا , وكذا العبد إذا قتل عبدا ثم عتق القاتل احتج في عدم قتل المسلم بالذمي بما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال { لا يقتل مؤمن بكافر (http://www.islamweb.net/ver2/Library/BooksCategory.php?bk_no=12&ID=902&idfrom=3402&idto=3409&bookid=12&start=6#)} , وهذا نص في الباب , ولأن في عصمته شبهة العدم لثبوتها مع القيام المنافي , وهو الكفر ; لأنه مبيح في الأصل لكونه جناية متناهية فيوجب عقوبة متناهية , وهو القتل لكونه من أعظم العقوبات الدنيوية , إلا أنه منع من قتله لغيره , وهو نقض العهد الثابت بالذمة فقيامه يورث شبهة ; ولهذا لا يقتل المسلم بالمستأمن فكذا الذمي ; ولأن المساواة شرط وجوب القصاص , ولا مساواة بين المسلم , والكافر , ألا ترى أن المسلم مشهود له بالسعادة , والكافر مشهود له بالشقاء فأنى يتساويان ؟ .
( ولنا ) عمومات القصاص من نحو قوله تبارك وتعالى { كتب عليكم القصاص في القتلى } , وقوله سبحانه , وتعالى { , وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } , وقوله جلت عظمته { , ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا } من غير فصل بين قتيل وقتيل , ونفس ونفس , ومظلوم ومظلوم , فمن ادعى التخصيص والتقييد فعليه الدليل , وقوله سبحانه , وتعالى عز من قائل { , ولكم في القصاص حياة } , وتحقيق معنى الحياة في قتل المسلم بالذمي أبلغ منه في قتل المسلم بالمسلم ; لأن العداوة الدينية تحمله على القتل خصوصا عند الغضب , ويجب عليه قتله لغرمائه فكانت الحاجة إلى الزاجر أمس فكان في شرع القصاص فيه في تحقيق معنى الحياة أبلغ , وروى محمد بن الحسن (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=12225)- رحمهما الله - بإسناده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه { أقاد مؤمنا بكافر , وقال عليه الصلاة والسلام أنا أحق من وفى ذمته } .
وأما الحديث فالمراد من الكافر المستأمن , لأنه قال عليه الصلاة والسلام { لا يقتل مؤمن بكافر , ولا ذو عهد في عهده (http://www.islamweb.net/ver2/Library/BooksCategory.php?bk_no=12&ID=902&idfrom=3402&idto=3409&bookid=12&start=6#)} عطف قوله , { ولا ذو عهد في عهده (http://www.islamweb.net/ver2/Library/BooksCategory.php?bk_no=12&ID=902&idfrom=3402&idto=3409&bookid=12&start=6#)} على المسلم فكان معناه لا يقتل مؤمن بكافر , ولا ذو عهد به , ونحن به نقول أو نحمله على هذا توفيقا بين الدلائل صيانة لها عن التناقض .
وأما قوله : " في عصمته شبهة العدم " ممنوع بل دمه حرام لا يحتمل الإباحة بحال مع قيام الذمة بمنزلة دم المسلم مع قيام الإسلام , وقوله : " الكفر مبيح على الإطلاق " ممنوع بل المبيح هو الكفر الباعث على الحراب , وكفره ليس بباعث على الحراب فلا يكون مبيحا , وقوله : " لا مساواة بين المسلم والكافر " قلنا : المساواة في الدين ليس بشرط , ألا ترى أن الذمي إذا قتل ذميا ثم أسلم القاتل يقتل به قصاصا , ولا [ ص: 238 ] مساواة بينهما في الدين , لكن القصاص محنة امتحنوا الخلق بذلك , فكل من كان أقبل بحق الله تعالى , وأشكر لنعمه كان أولى بهذه المحنة , لأن العذر له في ارتكاب المحذور أقل , وهو بالوفاء بعهد الله تعالى أولى , ونعم الله تعالى في حقه أكمل فكانت جنايته أعظم , واحتج في قتل الحر بالعبد بقول الله تبارك وتعالى { الحر بالحر , والعبد بالعبد } , وفسر القصاص المكتوب في صدر الآية بقتل الحر بالحر , والعبد بالعبد فيجب أن لا يكون قتل الحر بالعبد قصاصا , ولأنه لا مساواة بين النفسين في العصمة لوجهين : أحدهما : أن الحر آدمي من كل وجه , والعبد آدمي من وجه , مال من وجه , وعصمة الحر تكون له , وعصمة المال تكون للمالك , والثاني : أن في عصمة العبد شبهة العدم ; لأن الرق أثر الكفر , والكفر مبيح في الأصل فكان في عصمته شبهة العدم , وعصمة الحر تثبت مطلقة فأنى يستويان في العصمة , وكذا لا مساواة بينهما في الفضيلة , والكمال ; لأن الرق يشعر بالذل والنقصان , والحرية تنبئ عن العزة , والشرف .
( ولنا ) عمومات القصاص من غير فصل بين الحر والعبد ; ولأن ما شرع له القصاص , وهو الحياة لا يحصل إلا بإيجاب القصاص على الحر بقتل العبد ; لأن حصوله يقف على حصول الامتناع عن القتل خوفا على نفسه , فلو لم يجب القصاص بين الحر والعبد لا يخشى الحر تلف نفسه بقتل العبد فلا يمتنع عن قتله بل يقدمه عليه عند أسباب حاملة على القتل من الغيظ المفرط , ونحو ذلك , فلا يحصل معنى الحياة , ولا حجة له في الآية , لأن فيها أن قتل الحر بالحر , والعبد بالعبد قصاص , وهذا لا ينفي أن يكون قتل الحر بالعبد قصاصا , لأن التنصيص لا يدل على التخصيص , ونظيره قوله عليه الصلاة والسلام { البكر بالبكر جلد مائة , وتغريب عام , والثيب جلد مائة , ورجم بالحجارة (http://www.islamweb.net/ver2/Library/BooksCategory.php?bk_no=12&ID=902&idfrom=3402&idto=3409&bookid=12&start=6#)} ثم البكر إذا زنى بالثيب وجب الحكم الثابت بالحديث , فدل أنه ليس في ذكر شكل بشكل تخصيص الحكم به , يدل عليه أن العبد يقتل بالحر , والأنثى بالذكر , ولو كان التنصيص على الحكم في نوع موجبا تخصيص الحكم به لما قتل , ثم قوله تعالى { , والأنثى بالأنثى } حجة عليكم , لأنه قال : " الأنثى بالأنثى " مطلقا فيقتضي أن تقتل الحرة بالأمة , وعندكم لا تقتل , فكان حجة عليكم , وقوله : " العبد آدمي من وجه مال من وجه " قلنا : لا , بل آدمي من كل وجه ; لأن الآدمي اسم لشخص على هيئة مخصوصة منسوب إلى سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام والعبد بهذه الصفة فكانت عصمته مثل عصمة الحر بل فوقها , على أن نفس العبد في الجناية له , لا لمولاه , بدليل أن العبد لو أقر على نفسه بالقصاص والحد يؤخذ به , ولو أقر عليه مولاه بذلك لا يؤخذ به فكان نفس العبد في الجناية له لا للمولى كنفس الحر للحر .
وأما قوله : " الحر أفضل من العبد " فنعم لكن التفاوت في الشرف , والفضيلة لا يمنع وجوب القصاص ؟ ألا ترى أن العبد لو قتل عبدا ثم أعتق القاتل يقتل به قصاصا , وإن استفاد فضل الحرية .
الشريعة والقانون
11-11-2008, 12:50 AM
وكذا الذكر يقتل بالأنثى وإن كان أفضل من الأنثى , وكذا لا تشترط المماثلة , في العدد في القصاص في النفس , وإنما تشترط في الفعل بمقابلة الفعل زجرا , وفي الفائت بالفعل جبرا , حتى لو قتل جماعة واحدا يقتلون به قصاصا وإن لم يكن بين الواحد والعشرة مماثلة لوجود المماثلة في الفعل , والفائت به زجرا , وجبرا على ما نذكره إن شاء الله تعالى وأحق ما يجعل فيه القصاص إذا قتل الجماعة الواحد ; لأن القتل لا يوجد عادة إلا على سبيل التعاون , والاجتماع فلو لم يجعل فيه القصاص لانسد باب القصاص ; إذ كل من رام قتل غيره استعان بغير يضمه إلى نفسه ليبطل القصاص عن نفسه , وفيه تفويت ما شرع له القصاص , وهو الحياة , هذا إذا كان القتل على الاجتماع , فأما إذا كان على التعاقب بأن شق رجل بطنه ثم حز آخر رقبته فالقصاص على الحاز إن كان عمدا .
وإن كان خطأ فالدية على عاقلته , لأنه هو القاتل لا الشاق , ألا ترى أنه قد يعيش بعد شق البطن بأن يخاط بطنه , ولا يحتمل أن يعيش بعد حز رقبته عادة , وعلى الشاق أرش الشق , وهو ثلث الدية ; لأنه جائفة , وإن كان الشق نفذ من الجانب الآخر فعليه ثلثا الدية في سنتين , في كل سنة ثلث الدية , لأنهما جائفتان , هذا إذا كان الشق مما يحتمل أن يعيش بعده يوما أو بعض يوم , فأما إذا كان لا يتوهم ذلك , ولم يبق معه إلا غمرات الموت , والاضطراب فالقصاص على الشاق , لأنه القاتل , ولا ضمان على الحاز , لأنه قتل المقتول من حيث المعنى , لكنه يعزر لارتكابه جناية ليس لها مقدر , وكذلك لو جرحه رجل جراحة مثخنة لا يعيش [ ص: 239 ] معها عادة ثم جرحه آخر جراحة أخرى فالقصاص على الأول , لأنه القاتل ; لإتيانه بفعل مؤثر في فوات الحياة عادة , فإن كانت الجراحتان معا فالقصاص عليهما , لأنهما قاتلان .
ولو جرحه أحدهما جراحة واحدة , والآخر عشر جراحات فالقصاص عليهما , ولا عبرة بكثرة الجراحات ; لأن الإنسان قد يموت بجراحة واحدة ولا يموت بجراحات كثيرة , والله سبحانه وتعالى أعلم .
منقول