وصف الاقتصادي الأمريكي تريفور ويليامز المحلل المالي والاقتصادي بمؤسسة لويدز أن ما حدث بأمريكا هو انفجار الفقاعة, وأضاف أنه لا أحد يعرف من الاقتصاديين بشكل حقيقي كيف تنتهي ومتي تنتهي؟
ولا أحد ينكر أن هذا السقوط المخيف للاقتصاد الأمريكي سوف يؤدي إلي عواقب وخيمة في الاقتصاد العالمي والاقتصاد الأمريكي نفسه, ولكن ما يعنينا هو تأثير هذه المتغيرات العالمية الجديدة للاقتصاد الرأسمالي علي اقتصادنا المصري المحدود والمتطلع ويمكن الإشارة إلي هذه التأثيرات المتوقعة في عدة نقاط علي النحو التالي:
أولا تأثير الميزان التجاري المصري المتوقع بشكل مباشر من جراء نقص التبادل التجاري المتوقع مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا خاصة في مجال تصدير الملابس الجاهزة والتي نصدر نسبة60% منها إلي أمريكا و35% إلي أوروبا, وكذلك الفواكه والخضراوات المصرية والمنتجات الغذائية والتي ستتأثر بنسبة12% هذا العام حسب تصريحات المجلس التصديري المصري.
أما ايرادات قناة السويس فمن المتوقع أن تنخفض بنسب تتراوح بين15% و20% لتقلص حركة التجارة العالمية بين الولايات المتحدة وأوروبا ودول جنوب شرق آسيا تأثرا بالكارثة المالية وكانت البورصة المالية المصرية قد شهدت تراجعا, وهو ما حدث بالفعل حيث فقدت أسهم العديد من الشركات أكثر من75% من قيمتها في السقوط المروع للبورصة المصرية بعد اجازة عيد الفطر المبارك مباشرة, وبلغت قيمة الخسائر الدفترية نحو315 مليار جنيه لأسهم الشركات المضاربة في البورصة كما أن هناك12 شركة مصرية لها شهادات إيداع دولية في البورصات العالمية تأثرت تأثرا بالغا من سقوط البورصات العالمية ـ كما أن استثمارات الأفراد المصريين بمحافظ الأوراق المالية بالخارج قد تأثرت تأثرا مباشرا, وتقدر قيمة الأموال المصرية للأفراد في البورصات الدولية بنحو960 مليون دولار.
كما أنه من المتوقع أن يتأثر القطاع المصرفي المصري الذي يودع أرصدة بالخارج تصل إلي نحو123 مليار جنيه واستثمارات البنوك المصرية في الأوراق المالية الأجنبية بلغت أكثر من15 مليار جنيه في يونيو2008.
وبالنسبة للموازنة العامة للدولة فمن المتوقع أن تواجه تراجعا للاستثمارات الأجنبية في مصر والتي تسهم بشكل مباشر في إنشاء مشروعات جديدة وزيادة النشاط الاقتصادي وتشغيل العمالة المصرية وتحصيل الضرائب والتأمينات والرسوم العامة, هذا بخلاف حجم الخسائر في حركة التجارة الخارجية تصديرا واستيرادا بنحو6 مليارات دولار مقارنة بالعام الماضي, منها4 مليارات دولار صادرات و2 مليار دولار واردات ذلك مقارنة بالعام الماضي2008/2007( تصريح لوزير التنمية الاقتصادية) وإن كان انخفاض أسعار البترول والحبوب الغذائية والزيوت والمعادن والحديد والنحاس والألمونيوم بنحو35% سيكون في صالح مصر وتخفيف الضغوط علي مبالغ الدعم بشرط القضاء علي الاحتكارات المعروفة للجميع في صناعات الحديد والأسمنت والأسمدة ومواد البناء مما يخفف ويقلل عجز الموازنة.
أما سوق العقار المصري فقد شهدت تباطؤا في الفترة القادمة لزيادة المعروض عن المطلوب خاصة في الإسكان الفاخر وتأثر حركة التمويل العقاري بالأزمة ـ وإن كان في أضيق الحدود ـ وكذلك لتخوف المشترين المتوقعين مما يحدث في الاقتصاد العالمي وتأثيره علي الاقتصاد المصري المحلي خاصة في أزمة العقارات ومن المتوقع أن تنخفض الأسعار في حدود15% إلي20%.
إن كل هذه النتائج المتوقعة للسقوط العظيم للاقتصاد الأمريكي والعالمي والكساد المتوقع في جوانب كثيرة من تداعيات حياتنا اليومية يدفعنا إلي ضرورة إعلان حالة الانتباه والطواريء المصرية, حيث سيشهد الاقتصاد المصري تأثرا حقيقيا مع مرور الوقت كما قال الرئيس مبارك في أثناء زيارته الأخيرة لفرنسا.
ولا مفر من أن نبحث عن شركاء جدد لدفع اقتصادنا بعيدا عن المشاركة الأمريكية والأوروبية.. وفتح أسواق جديدة لمنتجاتنا في إفريقيا وآسيا واستراليا وأمريكا الجنوبية ودعم الصادرات المصرية وتشجيع الحكومة لتلعب دورها المنتظر في مثل هذه الحالات والمواقف الصعبة مثل تنشيط الصناعات الكبيرة وتحفيز الطلب المحلي والدخول كلاعب مؤثر في الصناعة والتجارة الداخلية والخارجية والسياحة الدولية وزيادة الانفاق العام الحكومي علي مشروعات البنية الأساسية والمشروعات الكبري حتي تسهم في دوران واستثمار الأموال العامة وأموال البنوك وتخفيف حدة البطالة المتوقعة وعدم ترك قوي السوق الرأسمالية للعب والمضاربة بلا مراقبة حقيقية تضمن استقرار السوق وأمنها حتي لا نقع نحن أيضا في فخ السقوط الملعون الذي سقط فيه الكبار من قبلنا.