مصري فيت

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نامل ان تكون في اتم صحه وعافيه

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مصري فيت

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نامل ان تكون في اتم صحه وعافيه

مصري فيت

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مصري فيت

منتدي لعلوم الطب البيطري وما يشملها


    بحث/ عقوبة الاعدام بين الالغاء والابقاء/الشعبه الثانيه-تعليم مفتوح/ح المنصوره

    avatar
    admin
    Admin


    المساهمات : 2533
    تاريخ التسجيل : 22/03/2010
    العمر : 63
    الموقع : O.KATTAB@YAHOO.COM

    بحث/ عقوبة الاعدام بين الالغاء والابقاء/الشعبه الثانيه-تعليم مفتوح/ح المنصوره Empty بحث/ عقوبة الاعدام بين الالغاء والابقاء/الشعبه الثانيه-تعليم مفتوح/ح المنصوره

    مُساهمة من طرف admin الجمعة مايو 11, 2012 5:54 pm


    عقوبة الإعدام بين الإبقاء والإلغاء‮ بقلم الاستاذ / بهاء الدين أبوشقة

    كتبهاأحمد رزق رياض ، في 14 ديسمبر 2009 الساعة: 17:10 م



    ومع كامل الاعتذار للأخ العزيز الفقيه القانوني‮ ‬الدكتور محمود السقا استعير منه عنوان مؤلفه القيم عن عقوبة الاعدام كعنوان لهذا المقال الذي‮ ‬اكتب فيه للمرة الثانية عن هذا الموضوع‮. ‬فقد سبق وأن تناولت في‮ ‬هذه المساحة من قبل وتحت ذات العنوان عقوبة الاعدام وما حام حولها من آراء انقسمت بين مؤيد للابقاء عليها ومعارض لذلك مناد لالغائها،‮ ‬ويبدو ان لهذا الموضوع القانوني‮ ‬مواسم‮ ‬يطفو فيها علي السطح وشغل مساحة من الجدل القانوني‮ ‬بين المتخصصين،‮ ‬الا أن اللافت للنظر أنه في‮ ‬الفترة الأخيرة بات حديثا‮ ‬ينشغل به العامة من‮ ‬غير المتخصصين وأصبح من الموضوعات المطروحة علي مائدة البحث الاعلامي‮ ‬بنوافذه المختلفة‮.‬ ويبدو أن كثرة احكام الاعدام التي‮ ‬صدرت في‮ ‬الآونة الاخيرة بحيث اصبح خبر صدور حكم بالاعدام من الاخبار الشائعة‮ ‬يوميا علي صفحات الجرائد والتي‮ ‬اعتاد المواطنون علي قراءتها بعد أن كان خبر صدور حكم الاعدام من الاخبار النادرة التي‮ ‬لا‮ ‬يصادفها المواطن الا علي فترات متباعدة،‮ ‬فيبدو ان هذا السيل من أحكام الاعدام قد اعاد الي السطح وعلي نحو ساخن النقاش القانوني‮ ‬حول تلك العقوبة من زاوية حقوق الانسان،‮ ‬فمن فترة ليست بقريبة ظهر اتجاه‮ ‬ينادي‮ ‬بالغاء تلك العقوبة مبررا رأيه بأنها عقوبة‮ ‬غير انسانية تتجافي مع حقوق الانسان خاصة في‮ ‬العصر الحديث التي‮ ‬ارتفع فيها سقف تلك الحقوق ليشمل تحته العديد من المسائل التي‮ ‬لم‮ ‬يكن منظوراً‮ ‬إليها في‮ ‬الماضي‮.‬ ويري أنصار هذا الفريق أن أخطر ما في‮ ‬هذه العقوبة هو استحالة تدارك أثرها عند اكتشاف خطأ الحكم أو براءة المحكوم عليه ويرددون دائما في‮ ‬جميع المؤتمرات والمنتديات أمثلة لعدد من الحوادث والقضايا الشهيرة في‮ ‬الغرب التي‮ ‬صدم فيها المجتمع من ثبوت براءة محكوم عليهم بالاعدام عقب تنفيذ تلك العقوبة،‮ ‬ويستندون كذلك الي أن المجرم الذي‮ ‬ارتكب الجريمة ليس هو ذاته الشخص الضعيف الذي‮ ‬تنفذ عليه عقوبة الاعدام فالأول تسيطر عليه حالة اجرامية لحظة ارتكاب الجريمة بينما الثاني‮ ‬يكون وقد تخلت عنه‮ ‬تلك الحالة انسانا ضعيفا فلا‮ ‬يتصور إذا كان القانون‮ ‬يجرم القتل ان تتحول الدولة الي قاتلة باسم القانون،‮ ‬ولكن مهما قيل من مبررات تحلق في‮ ‬السماء بعيداً‮ ‬عن أرض الواقع فإن عقوبة الاعدام هي عقوبة واقعية لابد وأن تبقي الي قيام الساعة،‮ ‬ولأن نفرا من المجرمين وطائفة من الجرائم لا‮ ‬يصلح في‮ ‬مواجهتها الا تلك العقوبة وبعيدا عن فلسفة العقاب وعلته من ردع او زجر او اعادة تأهيل للمجرم او‮ ‬غير ذلك مما تعنيه علوم العقاب وحتي‮ ‬لو قيل ان جميع اغراض العقوبة‮ ‬غير متحققة بالنسبة للاعدام فانه‮ ‬يكفي‮ ‬مبررا للابقاء عليها مجرد اشفاء‮ ‬غيظ وغليل المجني‮ ‬عليه او ذويه اذ بغير تلك العقوبة لا تستقيم عدالة في‮ ‬المجتمع او حتي في‮ ‬نفوس افراده‮.‬ ولكن ومع تأييدنا قديما وحديثا لعقوبة الاعدام خاصة لما نراه من أنها عقوبة شرعية أوجبها الحق تبارك وتعالي في‮ ‬جرائم القصاص فإننا مع وجوب احاطة تلك العقوبة بالعديد من الضمانات التي‮ ‬نري أن الواقع القانوني‮ ‬الحالي‮ ‬يقصر عن بلوغها،‮ ‬ومن أهم تلك الضمانات وقبلها هو اجراء مراجعة تشريعية للمواضع التي‮ ‬افرد المشرع فيها عقوبة الاعدام اذ ان المشرع قد أسرف كثيراً‮ ‬في‮ ‬تقرير تلك العقوبة بحيث‮ ‬ينبغي‮ ‬أن تقتصر علي نوعية محددة من الجرائم وعلي صنف معين من المجرمين دون تجاوز لهذا الحد،‮ ‬وكذلك فإن من أبلغ‮ ‬الضمانات هو تقرير مبدأ التقاضي‮ ‬علي درجتين في‮ ‬مواد الجنايات التي‮ ‬يعاقب المشرع فيها بعقوبة الاعدام بحيث‮ ‬يجيز القانون في‮ ‬هذا النوع من الجرائم استئناف احكام محكمة الجنايات أمام محكمة أعلي تتشكل من عدد أكبر من مستشاري‮ ‬الاستئناف مع الابقاء قطعا علي ضمانة الطعن بالنقض زيادة في‮ ‬ضمانة التحقق من صحة الحكم بالاعدام واستحقاق المتهم لتلك العقوبة المغلوظة،‮ ‬كما نادينا من قبل بوجوب ان‮ ‬يصاحب اعتراف المتهم‮ - ‬خاصة في‮ ‬قضايا الاعدام‮ - ‬بعرضه فور اعترافه علي الطب الشرعي‮ ‬والنفسي‮ ‬للكشف عليه وبيان ما اذا كان تعرض لاكراه مادي‮ ‬او معنوي‮ ‬ولو دون طلب منه،‮ ‬اذ استنت العديد من التشريعات الحديثة تلك الضمانة احتياطا واستيثاقا من هذا الاعتراف الذي‮ ‬يكون في‮ ‬أغلب احكام الاعدام هو الركيزة الاساسية التي‮ ‬يتساند اليها الحكم وليس ادل علي أهمية تلك الضمانة المقترحة مما نشر قبل اسبوعين من الحكم ببراءة متهم سبق ان حكم عليه بالاعدام بعد أن رفضت المحكمة عرضه علي طبيب نفسي‮ ‬لفحص حالته ولولا فطنة محكمة النقض المصرية التي‮ ‬ألغت هذا الحكم وأحالت الدعوي لاعادة محاكمة المتهم امام دائرة اخري والتي‮ ‬عرضته علي مصحة نفسية وعقلية انتهت الي كونه‮ ‬غير مسئول عن افعاله فقضت ببراءته بعد أن كان محكوما عليه بالاعدام،‮ ‬وتبدو أهمية هذه الضمانة فيظل التعديل الاخير الخاص بقانون الصحة النفسية الذي‮ ‬ساوي بين المرض النفسي‮ ‬والعقلي‮ ‬في‮ ‬شأن امتناع المسئولية الجنائية،‮ ‬علي الأخص في‮ ‬ظل تماحي‮ ‬الفواصل بين الأمراض النفسية والعقلية وظهور انماط من تلك الأمراض‮ ‬يعيش بها الانسان وهو جاهل لها وقد تدفعه الي ارتكاب جرائم تحت تأثيرها،‮ ‬فلا‮ ‬يتصور والحال كذلك ان‮ ‬يطلب عرضه للكشف عن مرض هو‮ ‬يجهل اصابته به ومن ثم فإن تلك الضمانة لا‮ ‬ينبغي‮ ‬أن تكون رهنا بمشيئة المتهم او دفاعه وإنما لابد ان‮ ‬ينظر اليها كضمانة لمصلحة العدالة والقانون التي‮ ‬تأبي خاصة في‮ ‬جرائم الاعدام التي‮ ‬توقع تلك العقوبة المغلظة علي شخص مريض عقليا او نفسيا‮ ‬غير مسئول عن افعاله‮.‬ ومن الضمانات المهمة كذلك اعطاء قاضي‮ ‬تجديد الحبس صلاحية التحقيق عن انكار المتهم الماثل امامه للجريمة بعد سابقة اعترافه للوقوف علي حقيقة هذا الاعتراف ثم العدول عنه بعد ساعات قليلة امام القاضي‮ ‬وتفعيل الضمانة التي‮ ‬استحدثها المشرع في‮ ‬المادة‮ ‬124‮ ‬اجراءات في‮ ‬شأن وجود حضور محامي‮ ‬التحقيقات مع المتهم بجناية او جنحة‮ ‬يعاقب عليها بالحبس وجوبا،‮ ‬اذ انه ورغم وجود هذه الضمانة الا أن الواقع العملي‮ ‬يشهد بتجاوزها والتحلل منها بمبرر الاستعجال والسرعة،‮ ‬وهو مبرر لو أسرفنا في‮ ‬استعماله فسوف‮ ‬يتسع لتعطيل الضمانة والعصف بها كلية،‮ ‬كما من الواجب النظر بعين الاعتبار في‮ ‬جرائم الاعدام الي تصالح المجني‮ ‬عليه او ذويه خاصة في‮ ‬جرائم الدم التي‮ ‬قد‮ ‬ينتج فيها الصلح اثراً‮ ‬في‮ ‬المجتمع التي‮ ‬وقعت فيه الجريمة افضل كثيراً‮ ‬من أثر توقيع عقوبة الاعدام التي‮ ‬قد تفتح الباب الي سيل متجدد من الجرائم خاصة في‮ ‬المجتمعات المحكومة بالعصبيات وثقافة الثأر،‮ ‬وأخيراً‮ ‬فإن من اهم الضمانات في‮ ‬نظرنا الاهتمام البالغ‮ ‬بتدريب اعضاء النيابة العامة الذين سوف‮ ‬يعتلون في‮ ‬الغد منصة القضاء تدريبا‮ ‬يتسع ليشمل الالمام الكامل بخطورة تلك العقوبة وما قد‮ ‬يترتب عليها من آثار وما‮ ‬ينبغي‮ ‬ان‮ ‬يصاحب تطبيقها من ضمانات وفلسفة وعلة كل ضمانة فضلاً‮ ‬عن الالمام بعلوم الاجرام الحديثة التي‮ ‬تغوص في‮ ‬شخص المجرم واسباب الجريمة لأن في‮ ‬ادراك القاضي‮ ‬لجميع ذلك ما‮ ‬يساعده علي حسن تقدير الوقائع ووزن الشخصية والخطورة الاجرامية للمتهم بما‮ ‬يسلمه الي حسن تقدير العقوبة التي‮ ‬يستحقها‮.‬ فعقوبة الإعدام هي واقع وضرورة لابد من الابقاء عليها ولكن بضمانات تحد من المخاوف التي‮ ‬تحيط بتطبيق تلك العقوبة وتجعلها في‮ ‬اطارها المنضبط‮.‬

    جريدة الوفد
    موسم القتل القانوني في مصر
    عقوبة الإعدام
    بين الإبقاء والتعطيل والإلغاء

    السيد زرد *

    ضربت محاكمنا في هذا الموسم القضائي الذي آذن بالرحيل رقما قياسيا في أحكام الإعدام التي أصدرتها ، فقد شارف عدد أحكام الإعدام الصادرة منذ بدء الموسم القضائي في أول أكتوبر الماضي علي المائة حكم .. وهو – فيما نظن – رقم غير مسبوق في تاريخ مصر القضائي !
    فهل نهنئ " عشماوى " ونغبطه علي الرزق الوفير ، أم نرثي لأنفسنا ونفزع مما آل إليه الحال ؟
    لاشك أن المواطن المصري – في الآونة الأخيرة – صار يصحو شبه يوميا علي نبأ حادث مفجع يروعه ما بين قتل واغتصاب وتمثيل بجثث الضحايا ، وهو ما استفز المجتمع واستنفر قواه ، بصور مختلفة ، لمجابهة هذا السيل من الإجرام الفظ المقزز .. وكان في الصدارة من المجتمع القضاء المصري الجليل الذي لا ريب هاله ما هال باقي المجتمع ، فشحذ آلة العقاب لديه وهوي بها علي من تيقن من إدانته بالأفعال الشنعاء .
    غير أنه يبقي التساؤل مشرعا – ومشروعا – هل تطبيق عقوبة الإعدام وإنزالها بالجناة سيجثث ، أوبالأقل سيحد من وقوع جرائم القتل و الاغتصاب ؟
    الإعدام هل يقلل الجرائم
    انشغلت بهذا السؤال وبمحاولة الإجابة عليه المجتمعات المعاصرة ، فأجريت مئات الأبحاث والاستقصاءات ، وانعقد العديد من المؤتمرات الدولية والاقليمية والوطنية ، التي توصلت – في المحصلة النهائية – إلي أن تطبيق عقوبة الاعدام لم يمنع ارتكاب الجرائم الجسيمة ، وبالمقابل فإن إلغاء هذه العقوبة لم يؤثر سلبا في معدلات تلك الجرائم .
    فعندما ألغت بريطانيا عام 1975 عقوبة الإعدام بالنسبة لبعض الجرائم وأبقت عليها بالنسبة لجرائم أخري اتضح – تاليا – أن عدد الجرائم التي التي ظل اإعدام قائما بالنسبة لها قد ازداد .
    وفي كندا كان معدل جرائم القتل سنة 1975 يبلغ 90ر3 لكل مائة ألف نسمة ، وعندما أغيت عقوبة الإعدام في سنة 1976 تناقص معدل جرائم القتل فبلغ 74ر2 لكل مائة ألف نسمة سنة 1983 ، وظل يتناقص إلي أن بلغ معدله 73ر1 في سنة 2003 .
    لكن تظل الحجة الرئيسية التي يتذرع بها التمسكون بالابقاء علي عقوبة الاعدام هو أنها تعد جزاءً عادلا لبعض الجرائم الكبري ، وهو ما يسهم في تهدئة الشعور العام في المجتمع ، واشباع الشعور بالعدالة ، و ينأي بالمواطنين عن ولوج سبل الانتقام الفردي ، فضلا عما للاعدام من أثر رادع يقي المجتمع شرور الجرائم .
    وعلي الرغم من أن الإحصاءات تكفلت بالرد علي القول بالأثر الرادع لعقوبة الاعدام ، فانه – وعلي حد تعبير منظمة العفو الدولية – من الخطأ افتراض أن جميع الذين يرتكبون جرائم خطيرة كالقتل يقومون بذلك بعد التفكير في النتائج بشكل عقلاني . فجرائم القتل تُرتكب – في معظم الأحيان – في لحظات انفعال تتغلب فيها العواطف الجياشة ، وقد ترتكب تحت تأثير تعاطي الكحول أو المخدرات أو في لحظات الذعر عندما يفاجأ مرتكبا متلبسا بالسرقة مثلا .. في كل هذه الحالات لا تمنع عقوبة الاعدام والتخويف بها من اقتراف الجريمة .
    إن ما يعتمل في نفس الجاني – في الغالب من الحالات – ويؤثر في اتجاهه نحو اقتراف الجريمة واتمامها ليس غلظة العقوبة أو ضآلتها ، بل مراهنته علي افلاته من العقاب ، أيا ما كان نوع هذا العقاب .
    الإعدام والمجتمع الدولي
    منذ أكثر من نصف قرن أخذ المجتمع الدولي يتجه حثيثا نحو تضييق نطاق تطبيق عقوبة الإعدام بأمل التوصل إلي إلغائها كليا – من خلال الأمم المتحدة بأجهزتها المختلفة وعدد من المنظمات الدولية – بدعوة الدول والحكومات إلي الحد من الجرائم المعاقب عليها بعقوبة الاعدام ، والنظر إليها بوصفها عقوبة استثنائية ، والتوسع في العفو عنها واتاحة إمكانية استبدالها بعد صدور الحكم بها ، وحظر توقيع الاعدام علي الأشخاص دون سن الثامنة عشرة والنساء الحوامل ، واحاطة الحكم بها وتنفيذها بالعديد من القيود والضمانات الإجرائية .
    وانتهي الأمر في 18 ديسمبر 2007 بإصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا بإعلان حظر تنفيذ أحكام الإعدام ، حيث صوتت 104 دولة لصالح القرار ، وصوتت 54 دولة ضده ، وامتنعت 29 دولة عن التصويت .
    وكان صدور هذا الإعلان تعبيرا عن قبول المجتمع الدولي واقتناعه – في غالبيته – بوجوب التخلي عن عقوبة الإعدام .
    فعند صدور الإعلان كانت بالفعل 91 دولة قد ألغت عقوبة الإعدام من قوانينها بالنسبة لكافة الجرائم ، وكانت 33 دولة قد امتنعت عن تنفيذ أي حكم بالإعدام طيلة السنوات العشرة السابقة ، إذ ألغت هذه الدولة عقوبة الإعدام فعليا في الممارسة .. و لم عد سوى 63 دولة ومنطقة تطبق عقوبة الإعدام ، إلا أن الدول التي نفذت أحكاما بالإعدام طوال سنة 2007 لم يزد عددها علي 24 دولة فقط ، وهذه الدول أعدمت في تلك السنة ما لايقل عن 1252 شخصا .
    الإعدام مصريا
    يُعرف فقهاء القانون عقوبة الإعدام بأنها قتل عمد يستند إلي قانون ، فهي عقوبة تصدر عن سلطة أو دولة ما في حق شخص لاقترافه جرم يحرمه القانون داخل هذه الدولة بما يستوجب معاقبته بسلب حياته .. ويُعرّفها قانون السجون المصري بأنها إزهاق روح المحكوم عليه بالإعدام شنقا .
    والقوانين المصرية تنطوى علي أكثر من مائة جريمة معاقب عليها بالإعدام موزعة بين قانون العقوبات ، وقانون المخدرات ، وقانون الأسلحة والذخائر .
    وقد رصدت منظمة العفو الدولية في تقرير لها أنه خلال الفترة من 1981 إلي 1990 صدر في مصر 179 حكما بالإعدام وجري إعدام 35 شخصا فعليا في نفس الفترة ، وفي الفترة من 1991 إلي 2000 صدر ما لايقل عن 530 حكما بالإعدام ، وتم إعدام 213 شخصا .
    وفقا للبيانات المعلنة من الحكومة المصرية والمقدمة للجان المتخصصة بالأمم المتحدة ، فقد تم تنفيذ 20 حكم إعدام في سنة 2000 ، ونُفذ 23 حكما بالإعدام سنة 2001 ، و 49 حكما سنة 2002 ، و 36 حكما سنة 2003 .
    أليس في الأرقام السابقة ما يشي بعجز عقوبة الإعدام عن الحد من الجرائم ، وما يدفعنا للتفكير جديا في جدوي التمسك بهذه العقوبة ؟

    * محام بالنقض – عضو اتحاد كتاب مصر






    عقوبة الإعدام بين الإلغاء والإبقاء

    محمد خليفة
    الحوار المتمدن - العدد: 1865 - 2007 / 3 / 25 - 11:54
    المحور: الغاء عقوبة الاعدام
    راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع

    احتفل العالم يوم 10 أكتوبر باليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام الذي يصادف تاريخ إلغاء عقوبة الإعدام لأول مرة في الولايات المتحدة عام 1786 . ويهدف الاحتفال بهذا اليوم إلى تذكير العالم بأن عقوبة الإعدام والحكم بها من ممارسات المظلمة ، شأنها في ذلك شأن التعذيب والرقّ . ويرجع فضل إعلان هذا اليوم العالمي إلى التكتّل العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام الذي أنشئ لمناهضة عقوبة الإعدام عام 2002 بهدف تنسيق الجهود بين المنظمات غير الحقوقية والمواطنين . والهدف من إقرار اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام هو دفع المجتمع المدني عبر العالم إلى مبادرات محلية وتنظيم ندوات وموائد مستديرة وأنشطة مختلفة لتوعية الناس والدفع إلى التغيير نحو الأحسن في العالم أجمع من خلال توقيف تنفيذ عقوبة الإعدام وإلغائها نهائياً . وبذلك أضحى يوم 10 أكتوبر يوم مناهضة عقوبة الإعدام . ويتألف التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام من 38 منظمة حقوقية ونقابات قانونية ، واتحادات تجارية وسلطات إقليمية ومحلية يتحدون في عمل حملات بهدف إلغاء عقوبة الإعدام في العالم . ومن بين المنظمات المشاركة في التحالف منظمة العفو الدولية ، والاتحاد العالمي للبرلمانيين الذي يجد أساس موقفه في توصيات لجنته الخاصة بحقوق الإنسان والداعية إلى إلغاء عقوبة الإعدام أو على الأقل التوجّه نحو إلغائها تدريجياً . وفي هذا الصدد أعلنت جمعية (هاندز أوف كاين) الدولية لمكافحة عقوبة الإعدام في تقريرها السنوي، أنه تم تنفيذ ما لا يقل عن 5476 حكماً بالإعـدام خـلال عـام 2004 فـي العالـم مقابـل 5604 عام 2003 . وجمعية (هاندز أوف كاين) رابطة دولية غير ربحية ، يشارك فيها مواطنون وبرلمانيون يكافحون من أجل إلغاء عقوبة الإعدام . وقد تأسست هذه الرابطة عام 1993 ومقرها في بروكسل (بلجيكا) . والواقع أن عقوبة الإعدام قديمة في التاريخ الإنساني ، لكن ما من أحد يستطيع أن يحدد بثقة مطلقة متى طبقت هذه العقوبة لأول مرة . لكنها ، قطعاً نشأت مع نشأة التنظيم في المجتمعات الإنسانية ، أي بعد أن أصبح البشر يعيشون في تجمعات بشرية كبيرة . ذلك أن هذه التجمعات احتاجت إلى وجود قوانين لمعاقبة الأشخاص الذين يقومون بأعمال تخالف الأعراف والتقاليد السائدة فيها . وقد طبّق الآشوريون والبابليون والمصريون القدماء عقوبة الإعدام ، وكانوا يعدمون بالرجم أو بالنشر إلى نصفين أو بالحرق . كما طبّق الإغريق والرومان عقوبة الإعدام ، وكانوا يستخدمون لتنفيذ هذه العقوبة الكرة النحاسية والعجلة ، ويصف المؤرخ جوزيف فلافيوس تنفيذ عقوبة الإعدام بواسطة العجلة فيقول ، كان المجرم يثبَّت على المحيط الخارجي لعجلة كبيرة ومن ثم يقوم الجلاّدون بخلع مفاصله وتكسير أطرافه وتمزيق لحمه، وتحت العجلة كان يوضع موقد مليء بجمر متوهّج ، فيتحوّل هذا الجمر إلى رماد بسبب النزيف الغزير من جسم الضحية . أما الكرة النحاسية ، فهي عبارة عن كرة مجوّفة لها باب في جانبها وفتحتان للفم والأنف، وكان المجرمون يقذفون داخلها ويغلق عليهم ثم يتم إشعال نار متأججة تحتها ، وحين يسخن المعدن ، يجأر الضحايا في داخلها كالثيران إلى أن يهلكوا من العذاب . وطبّق الصينيون عقوبة الإعدام كذلك ، وكانت أشهر طرق تطبيق هذه العقوبة هي الربط إلى خازوق بعد قطع أطراف المجرم ، ومن ثم تحريك الخازوق فيدخل من دبره ويخرج من رأسه . وكذلك طبّقت الشعوب الأخرى عقوبة الإعدام ، وكان كل شعب لديه طريقة معيّنة في تطبيق هذه العقوبة . وعندما حدثت النهضة الأوروبية في بداية القرن السادس عشر ، ظهر مفهوم جديد للدولة يقوم على أساس نظرية "العقد الاجتماعي" ، وظهرت قوانين تقلّص إلى درجة كبيرة قدرة الحكومات على تنفيذ العقوبات بحق المجرمين ، حيث أصبحت القوانين تسنّ من خلال البرلمان الذي يمثل الإرادة الشعبية . وأصبحت الأحكام المختلفة تصدر باسم مجموع الشعب . وظلّت عقوبة الإعدام قائمة في قوانين الدول الأوروبية ، لكن مع تطور الفكر الأوروبي بسبب تطوّر العلوم ، ظهر مفكرون طالبوا بإلغاء عقوبة الإعدام من منطلق أنها عقوبة قاسية غير إنسانية ومهينة لا تهدف إلى شيء سوى الانتقام من المجرم ، وقد تنزل بالأبرياء ولا يمكن التراجع عنها بعد تنفيذها . وكان الإيطالي لومبروزو أحد أبرز المفكرين الذين دافعوا عن إلغاء عقوبة الإعدام . فقد آمن هذا المفكر بنظرية "المجرم بالولادة" أي أن بعض الأشخاص يولدون مجرمين ، وهؤلاء يحتاجون إلى العلاج والإصلاح لأنهم يُقْدِمون على ارتكاب الجرائم تحت تأثير الموروثات التي يملكونها . ولذلك طالب هذا المفكر بإلغاء عقوبة الإعدام والاكتفاء بوضع المجرم في سجن لإصلاحه وإعادته إلى المجتمع شخصاً سوياً يعيش بأمن وسلام مع غيره من أفراد المجتمع الآخرين . ولقيت أفكار لومبروزو استحساناً عند كثير من المفكرين ورجال القانون في أوروبا ، وبدأ هؤلاء يطالبون بإلغاء عقوبة الإعدام . واتسع نطاق الدول التي ألغت عقوبة الإعدام منذ مؤتمر منظمة العفو الدولية المنعقد في ستوكهولم في 1977 حيث وصل عدد الدول التي ألغت تلك العقوبة في القانون والممارسة إلى 120 دولة بعد أن كان حينها 16 دولة فقطة . وكانت دول أوروبا أول من استجاب تباعاً لهذه الدعوات ، حتى أصبحت كل دول الاتحاد الأوروبي الآن تحظر عقوبة الإعدام . وتم استبدال هذه العقوبة بالاعتقال المؤبّد مع القيام بتقييم دوري لسلوك المجرمين داخل السجون ، فإذا وجد أن هناك محكوماً عليه بالاعتقال المؤبّد قد حسُنت سيرته يتم تخفيض مدة عقوبته ، وقد يطلق سراحه حتى قبل أن يمضي في سجنه نصف العقوبة . والواقع ، أن عقوبة الإعدام وحشية ولا مبرر لوجودها ، فهي لا تردع أحداً عن اقتراف الجرائم ، على عكس ما يقال إنها عقوبة رادعة. فعلى الرغم من تطبيق العديد من الدول لهذه العقوبة إلاّ أن الجريمة لم تتوقف فيها . ففي كل يوم تحدث جرائم جديدة في أماكن مختلفة من العالم ، ولا شك أن المجرمين يعلمون بوجود عقوبة الإعدام في قوانين دولهم ، لكنهم رغم ذلك ، يقومون بارتكاب الجرائم ، ويعرّضون أنفسهم لعقوبة الإعدام . وإذا كانت عقوبة الإعدام غير رادعة ، والإجرام لم يتوقف على الرغم من وجود هذه العقوبة ، فالأولى بدول العالم كافة الإقلاع عن تطبيق هذه العقوبة ، والاكتفاء بالاعتقال المؤبّد بدل الإعدام ، مع جعل السجون مؤسسات إصلاحية إنتاجية يتم تعليم المجرمين فيها التحلي بالصبر والإيمان لكسب الرزق من عرق الجبين ، وتعليمهم أيضاً احترام الآخر والتعامل معه برفق ولين ، والأخذ بأيديهم حتى يصبحوا مواطنين صالحين يعرفون حدود حريتهم وحدود حريات الآخرين . وإذا حسنت سيرتهم ، فينبغي إطلاق سراحهم ليعودوا إلى مجتمعاتهم ، فيعيشوا فيها مثلهم مثل غيرهم من الأشخاص الآخرين.

    وأخيراً ، فعقوبة الإعدام كنوع من الجزاء والعقاب ، هي انحلال الانطباعات وفناء الوجود لروح الإنسانية العليا وفناء عناصر الكينونة المنبثقة من الوجود نحو الشعور والإدراك وسكينة العالم الطبيعية وعظمة الروح.




    نبذة النيل والفرات:
    إن الجدل حول إلغاء عقوبة الإعدام أو الإبقاء عليها يبدو كصفة من الصفات السعيدة التي يتمتع بها مجتمع ما، والتي لا تتعرض سلامته الداخلية والخارجية إلى خطر محدق ومباشر. غير أن هذه الصعوبات ما دامت بادية في الأفق، وما دام مستقبل البلاد في خطر، ونظامها السياسي مهدداً، فإن عقوبة الإعدام تبدو حتمية. فمصيرها مرتبط دوماً بمستقبل الأمن والسلام. إذ كيف يمكننا الحديث عن إنقاذ أرواح بعض الخونة والمارقين على القانون في حين أن المواطنين يضحون بأرواحهم من أجل إنقاذ بلادهم؟.. ومن هنا نفهم الإبقاء على عقوبة الإعدام في حالات التآمر على النظام السياسي، أو عندما تكون البلاد في حالة حرب خارجية يتعرض أمنها وسلامتها للخطر. ومع ذلك فإن هذه العقوبة تثير سلسلة من المبادئ السياسية، والاجتماعية والفلسفية وحتى العلمية، ما يجعل الجدل حولها مشوقاً، بل إنها تستند إلى مجموعة المبادئ هذه التي تحكم المجتمع لحظة التشريع.

    وفي هذه الدراسة سيتم التعرض إلى التأصيل التاريخي لعقوبة الإعدام، وكيفية تطبيقها في التشريعات القديمة، كما وسيتم التوقف عند تطورها في العصر الحديث، ومدى تأثرها بالأفكار الفلسفية المنتشرة في هذه الحقبة الزمنية التي أدت بها تلقائياً إلى المطالبة بإلغائها، إلى جانب هذا سيتم إفراد فصل خاص عن هذه العقوبة طبقاً للتشريعة الإسلامية، وسيرد على حجج القائلين بالإبقاء عليها والمنادين بإلغائها، معليين هذه الآراء ومستوفين حقها من النقد والتمحيص.

    وهكذا ستتوزع مادة هذه الدراسة على سبعة فصول حملت العناوين التالية: الفصل الأول عقوبة الإعدام في الفكر القديم. الفصل الثاني: عقوبة الإعدام في الشريعة الإسلامية. الفصل الثالث: عقوبة الإعدام في الفكر الحديث. الفصل الرابع: أدلة القائلين بالإبقاء على عقوبة الإعدام. الفصل الخامس: أدلة القائلين بإلغاء عقوبة الإعدام. الفصل السادس: ترجيح أدلة الفريقين. الفصل السابع عقوبة الإعدام في التشريعات الجنائية الوطنية.


    play
    stop
    mute

    00:00
    00:00

    انقسم الفلاسفة وعلماء الاجتماع وفقهاء القانون إلى تيارين متناقضين، حول مدى جدوى عقوبة الإعدام، فذهب التيار الإبقائي إلى العمل على إبقاء هذه العقوبة، في حين ذهب التيار الإلغائي إلى العمل على هدم حجج التيار الإبقائي وإبراز حججه التي تدعو إلى إلغاء هذه العقوبة.
    التيار الإبقائي- الإعدام والردع
    من أهم الحجج المؤيدة لإبقاء عقوبة الإعدام كونها مخيفة، يهلع قلب من تسوِّله نفسه الإقدام على جريمة يكون معاقباً عليها بالإعدام "إذ يجدون أمام الدافع إلى الجريمة مانعاً قوياً، وهو حرمانهم من حقهم في الحياة، هذا التهديد في الواقع من أهم وسائل المنع العام وأكثرها فاعلية".
    للرد على هذه الحجة نقول: إن المجرمين لم يرتدعوا، بمعنى أنه إذا كان للردع دور هام في إجهاض نوايا المجرم الإجرامية، فلماذا ما يزال هناك مجرمون يرتكبون جرائم معاقباً عليها بالإعدام حتى الآن، بل الأدهى من ذلك أن "آرثر كوستلر" يقول إنه "في العصر الذي كان فيه النشالون يُعدمون في إنجلترا، كان لصوص آخرون يمارسون مهازلهم بين الجمهور المحتشد حول المشنقة التي يُشنق عليها زميلهم".
    لقد أُجري إحصاء في مطلع القرن العشرين في إنجلترا يظهر أن "170" من أصل "250" مشنوقاً قد سبق لهم وشهدوا شخصياً تنفيذ إعدام أو إعدامين. وإذا كنا نرغب في أن يكون العقاب عبرة لمن يعتبر، فإنه من باب أولى، أن ينفذ الإعدام علناً وأن تنقله الشاشة الصغيرة حتى يراه الجميع، فيرتعدوا، لكن عمليات التنفيذ في أغلب البلدان ما عادت تتم بشكل علني، بل تجري في باحة السجون أمام عدد قليل من الإختصاصيين، ولم تبق وسيلة العلانية مُطبقة إلا في قلة من الدول، ومنها جمهورية أفريقيا الوسطى والسلفادور، ويطلب المشرّع تنفيذ العقوبة في ذات المكان الذي وقعت فيه الجريمة، ويأخذ بوسيلة التنفيذ العلني لعقوبة الإعدام أيضاً تشريع إيران ولاوس وكمبوديا وشيلي.
    والحقيقة أن العلانية في التنفيذ تعتبر نظرية في كمبوديا وشيلي وليست واقعية، ففي كمبوديا يبعد رجال الأمن الأفراد في أثناء التنفيذ، وفي شيلي يُكتفى بأن يكون من الممكن حضور ثلاثين شخصاً أثناء التنفيذ، فتعتبر العلانية متوافرة. وفي دول أخرى يكون التنفيذ علانية جوازياً في بعض الحالات الاستثنائية كالمغرب وأستراليا.
    وإجمالاً فإننا لا نستطيع أن نزعم أن الإنسان لا يخشى الموت، إن الحرمان من الحياة بدون أدنى شك، أقصى عقوبة، وإذا كان الخوف من الموت أمراً بديهياً، فمن البديهي أيضاً أن هذا الخوف لم يكف لردع الأهواء البشرية، فالإنتقام والشرف والحب والكرامة تستطيع كل منها بسهولة أن تواجه الخوف من الموت، وبذلك لا يكون للردع العام دور أساسي، حيث إن الدافع للقتل يقصي الخوف من الموت. وغالباً ما يُصدر القاتل حكماً ببرائته من قبل أن تصدر المحكمة حكماً بإدانته، فأغلبية المحكوم عليهم بالإعدام يكونون مقتنعين بعدالة قضيتهم. وعادة الثأر والجرائم التي ارتكبت تحت مظلته تعتبر عادلة بالنسبة إلى مرتكبيها، بل ويستحقون التكريم من قبل ذويهم، فالأفضل والحالة على هذا النحو، أن نعمل على نشر الوعي ما بين الجماهير على أن نعدمهم.
    الإعدام والرأي العام
    يذهب التيار الإبقائي إلى القول بأن عقوبة الإعدام مقبولة لدى الرأي العام، وخاصة العاملين في مجال الأمن أو إدارة المؤسسات العقابية، أي أن الرأي العام قد ألفها واطمأن إليها. فلماذا نقلب قواعد حياتنا القانونية من أجل عدد ضئيل من القتلة والأشرار؟
    نحن نعتقد أن هذا الرأي يجانبه الصواب، وذلك لأن الرأي العام لا يتسم بالثبات والاستقرار، ودائماً يكون متأثراً بوسائل الإعلام، وتتسم مواقفه عادة بردود الأفعال، لا بالموقف الثابت النابع من خلال الوعي العام بضرورة الإبقاء أو إلغاء عقوبة الإعدام. وعلى سبيل المثال، فلقد عمَّت المظاهرات إيطاليا عند اغتيال جنرال في الشرطة العام 1981م، وفي هذه الفترة أيضاً تم خطف القاضي "جيوفاني دوروسو"، فعمت المظاهرات شوارع إيطاليا مطالبة بعودة عقوبة الإعدام، وذلك كرد فعل فقط لهذين الحدثين. وفي منتصف العام 1982م عمت المظاهرات إيطاليا أيضاً مطالبة بإلغاء عقوبة الأشغال الشاقة، وذلك بعد اكتشاف حالة بريء قضى حياته في السجن محكوماً عليه بالأشغال الشاقة.
    من خلال هذين المثلين المتناقضين يتضح لنا عدم جدوى الرأي العام، باعتباره حجة يستند إليها أنصار التيار الإبقائي، فيكفي أن تتبنى الصحف ووسائل الإعلام المرئية قضية ما، حتى نجد أن الرأي العام مؤيد لما بُثَّ في وسائل الإعلام، والأكثر عاطفة سيتبناه الرأي العام. وهكذا، ففي مسرحية "يوليوس قيصر" لوليم شكسبير، بعد أن قتل "بروتوس" القيصر يوليوس، وقف بروتوس وأقنع جمهرة الناس بأن مقتل يوليوس قيصر كان من أجل الحرية، وأن ذلك عدل، واقتنعت تلك الجمهرة بذلك. ثم ما لبث "أنطونيو" الصديق الوفي ليوليوس، أن استمال الجماهير عاطفياً موضحاً أنه جاء ليرثيه لا ليمدحه. والحقيقة أنه مدحه وعدد مآثره، فسرعان ما اقتنع الناس بالظلم الذي وقع على يوليوس، أي أن الرأي العام وقف إلى جانب "أنطونيو" بعد لحظات قليلة من وقوفه إلى جانب بروتوس. وهكذا يتضح لنا أن الرأي العام لا يصل إلى حد أن يكون حجة يستند إليها، ما دامت أجهزة الإعلام الرسمية هي التي تؤثر في هذا الرأي وتشكله، وخاصة في دول العالم الثالث. وأما عن الإضافة المتعلقة بأن الشعور العام نحو احترام الحياة الإنسانية قد ضعف، ويدللون على ذلك بكثرة حوادث الخطأ غيرالعمد.
    فإننا نقول إن احترام الحياة الإنسانية ضعيف منذ القدم، وإلا فأين احترام الحياة الإنسانية عندما قُتل "30" ألف شخص واعتقل "50" ألف شخص في كومونة باريس وأين احترام الحياة الإنسانية في جواتيمالا؟ حيث أكدت منظمة العفو الدولية أن حكومتها شنّت حملة منظمة واسعة النطاق من القتل والتعذيب، أُديرت من مكاتب القصر الوطني بإشراف الرئيس" رميو لوكاس" بنفسه. وجاء في تقرير المنظمة أن نحو ثلاثة آلاف شخص قد اغتيلوا بعد اعتقالهم طوال الشهور العشرة الأولى من العام 1980م، وأن مئات آخرين قد اختقوا، فأين إذن احترام الحياة الإنسانية، وهل يتحقق ذلك من خلال الإعدام؟

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت سبتمبر 21, 2024 10:58 pm